ولد الشاعر حافظ إبراهيم سنة 1872 م من أب مصري وأم تركية علي ظهر سفينة صغيرة فوق النيل. يتصف حافظ إبراهيم بثلاث صفات يرويها كل من عاشره وهي حلاوة الحديث۔ وكرم النفس۔ وحب النكتة والتنكيت.
كان حافظ إبراهيم – رحمه الله – أحدي أعاجيب زمانه۔ ليس فقط في جزالة شعره بل في قوة ذاكرته التي قاومت السنين ولم يصيبها الوهن والضعف علي عمر 60 سنة فإنها ولا عجب إتسعت لألاف الألاف من القصائد العربية القديمة والحديثة ومئات المطالعات والكتب وكان بإستطاعته – بشهادة أصدقائه – أن يقرأ كتاب أو ديوان شعر كامل في عده دقائق وبقراءة سريعة ثم بعد ذلك يتمثل ببعض فقرات هذا الكتاب أو أبيات ذاك الديوان. وروي عنه بعض أصدقائه أنه كان يسمع قارئ القرأن في بيت خاله يقرأ سورة الكهف أو مريم او طه فيحفظ ما يقوله ويؤديه كما سمعه بالروايه التي سمع القارئ يقرأ بها. يعتبر شعره سجل الأحداث۔ إنما يسجلها بدماء قلبه وأجزاء روحه.
وللأسف, مع تلك الهبة الرائعة التي قلما يهبها الله – عز وجل – لإنسان , فأن حافظ رحمه الله أصابه - ومن فترة امتدت من 1911 إلي 1932 – داء اللامباله والكسل وعدم العناية بتنميه مخزونه الفكري وبالرغم من إنه كان رئيساً للقسم الأدبي بدار الكتب إلا أنه لم يقرأ في هذه الفترة كتاباً واحداً من ألاف الكتب التي تذخر بها دار المعارف! الذي كان الوصول إليها يسير بالنسبه لحافظ۔ ولا أدري حقيقة سبب ذلك ولكن أحدي الأراء تقول ان هذه الكتب المترامية الأطراف القت في سأم حافظ الملل! ومنهم من قال بأن نظر حافظ بدا بالذبول خلال فترة رئاسته لدار الكتب وخاف من المصير الذي لحق بالبارودي في أواخر أيامه.
كان حافظ إبراهيم رجل مرح وأبن نكتة وسريع البديهة يملأ المجلس ببشاشته و فكاهاته
وأيضاً تروي عن حافظ أبراهيم مواقف غريبة مثل تبذيره الشديد للمال فكما قال العقاد ( مرتب سنة في يد حافظ إبراهيم يساوي مرتب شهر ) ومما يروي عن غرائب تبذيره أنه استأجر قطار كامل ليوصله بمفرده إلي حلوان حيث يسكن وذلك بعد مواعيد العمل الرسمية.
توفي حافظ ابراهيم سنة 1932 م في الساعة الخامسة من صباح يوم الخميس۔ وكان قد أستدعي 2 من أصحابه لتناول العشاء ولم يشاركهما لمرض أحس به. وبعد مغادرتهما شعر بوطئ المرض فنادي غلامه الذي أسرع لإستدعاء الطبيب وعندما عاد كان حافظ في النزع الاخير۔ توفي رحمه الله ودفن في مقابر السيدة نفيسة (رضي الله عنها).
وعندما توفي حافظ كان أحمد شوقي يصطاف في الإسكندرية و بعدما بلُغه سكرتيره بنبأ وفاة حافظ بعد ثلاث أيام لرغبة سكرتيره في إبعاد الأخبار السيئة عن شوقي ولعلمه بمدي قرب مكانة حافظ منه۔ شرد شوقي لحظات ثم رفع رأسه وقال أول بيت من مرثيته لحافظ :-
قد كنت أوثر أن تقول رثائي يا منصف الموتي من الأحياء
|