ولشيخنا الأديب أبي فارس الشاطبي يرثي زوجه رحمها الله:
خير المنيه للبريه كامنه غارت علي عرسي وكانت أمنه
والشمس من داري خبت أنوارها واحلولكت فكأنها متداخنه
من حر أنفاسي تصاعد فاكتست منه العوالم فهي دأبا حازنه
حتي تودي بعض واجب حقها إن الغرابه كل حق ضامنه
ذات السماحه والحنانه والرضي فكأنها ام علينا حاضنه
أسفي علي فقد الرفيقه أنها برماح صعب فراقها لي طاعنه
تركت فؤادي بعدها متوجعا لما غدت تحت الجنادل ساكنه
ذهبت وفي خلدي أقام خيالها تبدي لنا جذر الديار محاسنه
في طاعه الرحمان أفنت عمرها لاتبتغي لهوا وليست ماجنه
الله يرحمها ويغفر وزرها وتحل في دار الكرامه أمنه
فعلي رفيقتنا سلام إلهنا يهدي لها يوم النشور مأمنه
فأجبته ولم أبلغ ما أردته:
لاغرو يا نعم الحبيب إذن فلا تجزع لها فلكلنا هي كامنه
أحسنت حين نعيتها من بعد أن عزيت نفسك كي تري متطامنه
ولقد تعزي كلنا من بعد ما يهدي لك الرضوان أنت وأمنه
وقلت حين ضرب الحجيج الطبل بمراكش عام 1044:
خفق اللواء لزائرين المجتبي والطبل صاح ألا هلم ليثربا
ولهم إلي ذاك الضريح تسارع وتشوق وتحنن قد أطربا
شبوا بذاك جوانحي فلقد غدت جمرا تهب لها العصوف من الصبا
سحت أوابل أدمعي فكأنني أبغي التبرد للذي قد ألهبا
وإذا سمعت غدا تسير ركابهم طار الفؤاد لنازلين علي قبا
ويح الفؤاد لقد تردي في الردي لما ارتدي برداء وجد واحتبا
ولقد, اراك تثبتا وتجلدا يوم الوداع وعنده الجزع اختبا
حتي إذا رد القيان جمالهم وتوسطوا بعد التحمل سبسبا
ألف البلابل واستبان هيامه وعصي العواذل في هواه وأسهبا
حتي يحم لقاؤه ويحط عن وجه الوصال نقابه المتنقبا
سل عن دموعي الجاريات إذا أتوا سلعا وعن جفني الذي قد أسكبا
جفن إذا كتم الفؤاد غرامه تمت عليه دموعه فتصببا
أبغي الزياره والمقادر قد أبت بل حق ذاك لها فذنبي سببا
كيف السبيل وأن لي قلبا إذا خاطبته بهدي تولي أو صبا
أم كيف يدرك رشده المرء الذي تهوي به مهما تهب صبا الصبا
إلا إذا مسته رحمه ربه بمحمد المختار كان تقربا
خير البريه سيد الخلق الذي يرجو شفاعته الذي قد أذنبا
شمس الهدي علم الندي مجلي الصدي مردي العدانا في الردي عمن كبا
إنسان عين العالم القطب الذي فلك النجاه عليه دار وصوبا
سر الوجود وعينه وأساسه ونتيجه الكونين منتخب النب
ملك المحاسن والمحامد والندا فمن ادعاها دونه يك أكذبا
لبس الجمال علي الجلال فكل من يلقاه يوما أحبه وتهيبا
ثمر النبوءه قد جناه في الصبا فغدا له قوتا به قد أنجبا
أياته تحكي الجبال تعاظما والشهب نورا والمسوك تطيبا
لو رام جامعها علي طول المدا حصرا لأعجزه القليل وأتعبا
حسن البيان خطابه ومواعظا هطل البنان سماحه وتوهبا
طلق الجبين إذا الأنام قد اهتدوا هامي اليمين إذا الأوام تغلبا
وحنينه وأنينه دأبا هما للدين أوفي الدين لن يتهربا
ياطيب ملقاه فما عنه غني ولذاك حن الجدع يوم تجنبا
وتعلقت شوقا به وحش الفلا وتأنست وكذاك سارعت الظبا
ولقد اطاعته الجوامد فاعتبر بالسرح إذ كانت سواجد رغيا
وكذا الرمال تماسكت في مشيه والصخر لان لرجله وترطبا
والايتان بشق ذي ورجوع ذي غدتا كذلك ييتين لتندبا
أمر العصا والأرض فانتمرت له هذا بقبض والعصي أن تقلبا
أما السحائب فهي طوع يمينه فتظله وتهل وبلا صبيا
وهي المجانس غير أن يمينه فتظله وتهل وبلا صبيا
وهي المجانس غير ان يمينه لم تلف قط كما السحائب خلبا
والصخر سلم والدراع تكلمت نصحا كما نصح الأنام تحدبا
وكأن تسبيح التراب إجابه لفؤاده لما رماه وحصبا
أبدت مزيته بفيء سرحه ونبات أخري حوله كي تحجبا
زهقت بواطل ذي العناد بحقه بقضيبه سقط الصليب وكبكبا
بالسيب والسيف ارتدي فمن اهتدي فله الندي ومن اعتدي فله السبا
ورد المكارم في صباه فلم تزل تصفو مواردها إلي المعالي مركبا
وله هنالك إخوه سبقوا له بعثا وقد سبق الجميع تقربا
ولذاك أم القوم أفضلهم فلم يثن العنان وخلف خلي الموكبا
حتي إذا طوي الحجاب بحضره قدسيه سمع الندا وتأهبا
صلواته تخشاه مع بركاته مع أله وصحابه تحكي الكبا
فهم لخير الخلق خير صحابه كل غدا لهدي الخلائق كوكبا
وهم اللي ضربوا الرقاب لنصره وهم الكرام طبيعه وتأدبا
نعم الرسول نبينا وشفيعنا وملاذنا من كل هول أكربا
طوبي لأمته به سبقوا الوري دنيا وأخري إذ تساموا منصبا
كنا به خير الوري شرفا به إذ كان خير الخلق لا تتعجبا
فهي العنايه من تنل نال المني وهي الإراده من تخص ولو أبي
يا مبدأ الكونين يا قطب العلا ياخاتم الإرسال أنت المجتبي
يا طيب الأنفاس ياأمل الوري يا غايه السؤل المرجي للحبا
ياسيدي هذا عبيدك قد دعا سبعا لتشفع فيه يوم استعتبا
يوما تعارضه جوارح سبعه هي الشواهد كي تبين وتعربا
أو لست يا نعم الرسول حبيبنا أو ليس جاهك عاليا ومرحبا¿
أو لست يامولاي أرأف بالفتي من نفسه وكفي بذلك موجبا¿
وإذا استغاث بك امرؤ وجبت له صقا حمايتكم ونال المطلبا
فأنا امرؤ بك مؤمن وموحد لله ربك خفت من أن أعذبا
كن لي مجيرا يا مجير الخلق من ذنب تراكم كالجبال مع الربا
إني لي مجيرا يا مجير الخلق من ذنب تراكم كالجبال مع الربا
إني وحق علاك مالي ملجأ إلا إليك إذا أتي السيل الزبا
فلطالما فرجت كربه بائس لولاك عز خلاصه وتنكبا
ولطالما يسرت من متعسر وكشفت ما هال الفؤاد وشغبا
ولطالما أغنيت صاحب عسره فغدا بأثواب الغني متقلبا
ولقد تواتر عنك في السبب الذي يدلي به خبر أضاء وأعجبا
حبي وتسميتي هما السببان لي يوم القيامه حق لي أن أقربا
ولقد أمنت من انقطاعهما إذا ما ضرني ان فاتني أن أنسبا
وعليك من ملك الوري الصلوات ما خفق اللواء لزائرين المجتبي