اجل صحابي أن أسيء لهم ذكرا   وأحمي لساني أن أقول به هجرا
وأمنحهم ودي ومن زل أو هفي   وإن لم يجد جعلت له العذرا
وإني بحمد الله لا متفحشا   ولا فاحشا في القول أنتم بذا أدرا
ولا يستفزني الهوي فأطيش إن   سمعت كلاما منهم يوغر الصدرا
علي أن قلبي لو تحلم ما عسي   فلابد يبقي فيه ما يشغل الفكرا
فأزجره عن جهله وأدره   سواء لديه الصمت والهجر والاطرا
فما ضرني والشكر لله قولهم   فليس يضر الكلب أن ينج البدرا
أبت همتي الصغري ملاحات جاهل   ومن دونها في القدر همته الكبري
ألا تعجبوا ممن يظن سفاهه   إذا بال برا أنه ينجس البحرا
لقد علم الأقوام أن قريحتي   إذا رمت منها القول تملألي وقرا
فعلم القريض في يدي كيمياؤه   فلو رمت تريا منه صيرته تبرا
وإن جناني يثقب الماس حده   وإن لساني يقذف الدر والجمرا
إذا رام مدحا مطربا رق صنعه   وإن رام هجوا مولما فلق الصخرا
إذا استعطف استرضي الذي طاش لبه   فيدنوا وفي تشبيبه ينفث السحرا
تراه ذليلا أن يغازل خريده   وفوق السماوات العلا أن يرم فخرا
فصيحا بليغا لم تشنه فهاهه   مهذب إلا أنه يحسن الشعرا
وكيف يروم الجاهلون تنقصي   ومرتبتي في المجد من دونها الشعرا
فكيف مثل أرسلته فهو سائر   وكم حكمه أودعتها الكلم النزرا
وكم مشكل أوضحته وكشفته   وكم ثمد فجرته فغدا نهرا
وكم معضل عنه العقول تقاصرت   فلما بدت إعلام علمي له فرا
وكم كالح من شده الوجد وجهه   فلما أتي يوما نوالي له سرا
وكم من جواد رام يثقل كاهلي   بمنته ضاعفت ذاك له عشرا
وكم قد شربت الحمد من ذي مروءه   وذي دمعه حمرا وذي كبد حرا
وكم من مسيء ظن أني بفعله   أكافيه لم أضمر له أبدا شرا
ويأبي حيائي عيبه ويصدني   عفافي وخوف الله يلجمني قهرا
وما صدني عي عن القول إنني   أمير علي من يحسن النظم والنثرا
اتمشي القوافي تحت غير لوائنا   ونحن علي قوالها نبرم الأمرا
عديري من شخص إذا ما سقيته   بكف لباب الشهد يلعقني الصبرا
ولكن إذا صح الوداد فكل ما   أتي منه لا احتاج في حمله الصبرا
فإني إذا أعطيت شخصا مودتي   تعود لي الحصباء من كفه تمرا
رضيت بما يبدوا من الهجو منهم   وذلك مدح ليس يخفض لي قدرا
ولاكن عناء ان أعلم جاهلا   فيحسب من جهل به أنه أدرا
فما كل قول يستحق جوابه   ولا كل كلب نابح يلقم الصخرا
وما رمت قولا في الذي قال مثله   أكافيه إلا قال لي ورعي صبرا
فلا تكتبن يوما بكفك غير ما   يسرك في يوم القيامه أن تقرا
وهذ جوابي للذي جاء نظمه   بوابل هجو يملأ السهل والوعرا
وجنبته خرق الخطاب تكرما   وسترا علي من رام أن يهتك السترا
ومع ذاك كلا انني كلف به   فيوم مضي في هجره يعدل الشهرا
وليس غلوا أن أقل أن ساعه   مضت في جفاه عندنا فاقت الدهرا
هنيئا مريئا غير داء مخامر   وهبت له من عرض القل والكثرا
جعلت له عرضي حلالا جميعه   فلا إثم في هجوي عليه ولا خيرا
اأقطع حبلا طال ما قد شددته   لزلته فالحر لا يقطع الحرا
ولكنني أغض جفوني عن القذا   وأبدي لخلي عند رؤيته البشرا
وابدأه بالقول إن صد معرضا   وامنحه وصلا إذا رضي الهجرا
وارعي له الود القديم ولم أكن   لأرجمه بالغيب أن أضمر الغدرا
فهذا نظامي صغت منه قلاده   أقلدها جيد البلاغه والنحرا
ليعلم فرسان البلاغه أنني   إذا حاربوني صاحب الرايه الحمرا
وهذا وما قدمت في الفخر إنما   أردت به أن أدفع العي والحصرا
وأقبح صدق المرء في مدح نفسه   ومادحها قد جاء في قوله نكرا
ومن كان مثلي في الحضيض مقامه   أيحسب جهلا أنه جاوز النسرا
ولم أنتصر للنفس فيما ذكرته   ومن رام هضم النفس لا يبتغي النصرا
ومن يشق في الدنيا الدنيه غيظه   فأني لا أشفيه فيها وفي الأخري
إذا صرفت نفسي لذاك اعتناءها   أذكرها الأخري وأني في كتابته امرا
واسئله عفوا عن الذنب انني   حملت من الأوزار ما يقصم الظهرا
كتبت وأحصي الكاتبان كتابتي   وما أن كتبت في الذي راضيا سطرا
فواحسرتي وحيرتي وفضيحتي   إذا قيل خذ ما كنت تكتبه فاقرا
أأجحده فالطرس ينطق بالذي   جري وبناني لا أطيق لها حصرا
ولاكنني لا أجحد الذنب انني   أقر لرب يعام السر والجهرا
عسي أن يقول اذهب كما قد سترته   بدنيا فإني اليوم لا أكشف السترا
فيغفر لي من فضله توبه وينيلني   برحمته ما يذهب الإثم والوزرا
واسأله من فضله توبه بها   يبذل صوبا اثقلت كاهلي أجرا
بجاه رسول الله أفضل من مشي   علي الأرض فاشتاقت لوطأته الخضرا
عليه صلاه الله ثم سلامه   ورضوانه من ربه أبدأ تترا
ننال بها من ربنا الفوز بالمنا   ومغفره من عنده تختم العمرا