يحتل أبو مسلم ناصر بن سالم بن عديم البهلاني (ت 1920م) مكانا مميزا بين شعراء عصره في (عمان)۔ فلقد لقي من الإعجاب الجماهيري ما لم يلقه سواه۔ فذاع شعره عبر وسائل مختلفة: مكتوبة ومسموعة۔ وتعددت المخطوطات التي تضم شعره : حتي بلغ عدد ما توصلنا اليه منها (17) مخطوطا۔ وهي نسبة مرتفعة في حد ذاتها۔ ونجزم - في الوقت ذاته - بوجود مخطوطات أخري في مكتبات خاصة لم نستطع الحصول عليها لضنين أصحابها بها.
وكان ديوان أبي مسلم البهلاني أول ديوان عماني يأخذ طريقه الي المطبعة۔ إذ تم طبعه عام (1928م)۔ وهذا علي خلاف ما جزم به عبدالله الطائي في كتابه "الأدب المعاصر في الخليج " من أن ديوان سعيد المجيزي هو أول ديوان عماني يطبع۔
وطبع هذا الأخير ط م (1917م) أي بعد طبع ديوان أبي مسلم بتسع سنوات۔ وقد توالت طبعات ديوان البهلاني بعد ذلك ثلاث مرات خلال الأعوام التالية (1957 م۔ 1980م۔ 1986م).
ولم يكن هذا الاحتفاء بالشاعر متصورا علي ابناء جيله۔ فقد امتد بعد ذلك لدي الأجيال اللاحقة۔ التي استخدمت معطيات العصر الحديث لنقل قصائد البهلاني الوطنية۔ وقدمت الاشرطة السمعية فرصة غالية لمن يريد أن يستمع الي تلك القصائد ل أي وقت۔ وهي مسجلة بأصوات مشهورة بجمال إلقاثها حسب الطريقة العمانية المشهورة في التغني بالشعر۔ ومن بين هؤلاء الشداة : سالم الحارثي وموسي الرواحي ومحمد الغاربي.
وقد يتساءل المرء عن سبب هذا الاحتفاء الكبير بشعر البهلاني۔ والاجابة عل ذلك تحيلنا الي استحضار حالة العالم العربي في تلك الفترة (أي خلال القرن 19 وبداية القرن 20)۔ وصحوة الروح القومية المنادية باسقاط الاستعمار الغربي۔ وهي حالة تنسحب عل عمان بشكل أو بأخر۔ وكان شعر البهلاني هو ذلك النذير والمنبه الداعي الي جمع الكلمة ونبذ الفرقة بين أبناء الوطن الواحد۔ لذا فقد وجد العمانيون في شعر أبي مسلم توصيفا لمواطن أدوائهم۔ وتعبيرا عن الأمال التي يطمحون الي تحقيقها۔ وكانت قصائده تتري الي الزعماء العمانيين - رغم وجوده في افريقيا الشرقية - ليتكاثفوا يدا واحدة حول الامام سالم بن راشد الخروصي (13 19م - 1919م).