ولدت (نهاد وديع حداد) في 21 نوفمبر 1935۔ وكانت( نهاد) أو (فيروز) فيما بعدء هي الطفلة الأولي لهذه الأسرة البسيطة التي كانت تسكن في زقاق البلاط في الحي القديم القريب من العاصمة اللبنانية. كان الجيران يتشاركون مع أمها ليزا البستاني أدوات المطبخ في ذلك البيت المؤلف من غرفة واحدة۔ أما الأب الهادئ الطباع ذو الخلق الرفيع فكان يعمل في مطبعة تسمي “لي جور”. كانت فيروز تحب الغنأ منذ صغرها۔ إلا أن الأسرة لم تكن تستطيع شرأ جهاز راديو فكانت تجلس إلي شباك البيت لتسمع صوته السحري قادمًا من بعيد حاملا أصوات أم كلثوم۔ وعبد الوهاب۔ وأسمهان۔ وليلي مراد. وفي حفلة المدرسة التي أقيمت عام 1946 أعلن الأستاذ محمد فليفل ء أحد الأخوين فليفل اللذين لحنا النشيد الوطني السورئ عن اكتشافه الجديد۔ ألا وهو صوت فيروز. رفض الأب المحافظ فكرة الأستاذ فليفل بأن تغني ابنته أمام العامة۔ لكن الأخير نجح في إقناعه بعد أن أكد له أنها لن تغني سوي الأغاني الوطنية۔ فوافق الأب مشترطا أن يرافقها أخوها جوزيف في أثنأ دراستها في المعهد الوطني للموسيقي والذي كان يرأسه وديع صبرة مؤلف الموسيقي الوطنية اللبنانية۔ والذي رفض تقاضي أية مصروفات من كل التلاميذ الذين أتوا مع فليفل. انضمت فيروز إلي فرقة الإذاعة الوطنية اللبنانية بعد دخولها المعهد بشهور قليلة۔ وتتذكر –في أحد أحاديثها النادرة– تلك الأيام فتقول (كانت أمنيتي أن أغني في الإذاعة۔ وقد أخبروني أنني سوف أتقاضي مبلغ 100 ليرة (21 دولارًا) في الشهر. كانت فرحتي لا توصف۔ لكن في نهاية الشهر لم أكن محظوظة كفاية۔ بسبب خصم الضريبة). أما اسم شهرتها فقد اختارته نهاد حداد لنفسها حين قابلت الملحن الكبير حليم الرومي والد المطربة ماجدة الرومي والذي كان أول من لحن لها۔ حيث غنت أولي أغنياتها الخاصة بها وهي تركت قلبي وطاوعت حبك من كلمات ميشيل۔ وهنا خيرها حليم بين أحد اسمي شهرة۔ كان ثانيهما شهرزاد. وفي العام 1951 غنت فيروز لحليم الرومي۔ وكذلك لمدحت عاصم وسليم الحلو ومحمد محسن۔ وكان الرومي قد قدم فيروز للأخوين عاصي ومنصور الرحباني قبل ذلك بقليل. وكان أول لقأاتها مع الجمهور في صيف عام 1957۔ في حفلة أقيمت في معبد جوبيتر الروماني في بعلبك وغنت أغنيتها (لبنان يا أخضر يا حلو). وقد بدأ عاصي ألذي سبق أخاه في الانجذاب إلي صوت فيروزء في التلحين لها فجأت أغنيات من نوع نحنا والقمر جيران۔ هذا إلي جانب الأغاني الشعبية اللبنانية مثل البنت الشلبية. والجدير بالذكر أن بداية فيروز مع عاصي كانت بأغان أوربية الألحان عربية الكلمات۔ ثم أصبح لهما السمت الخاص۔ ومن هنا جأت بداية (فيروز والرحبانية)۔ أما رحلة (الفنانة الكبيرة) فيروز فقد بدأت مع أغنيتها عتاب۔ وكان ذلك عام 1952. فيروز التي لم تكن تتوقع كل هذه الشهرة كمطربة. كان حلمها الحقيقي أن تصبح معلمة. كما أنها كثيراً ما صرحت في مناسبات عديدة بأنها لن تتزوج في حياتها أبداً۔ إلا أنها قد تزوجت من (عاصي الرحباني) في يناير عام 1955۔ وفي ذلك العام أيضا أرسلت إذاعة صوت العرب التي تنطلق من القاهرة الإذاعي الكبير أحمد سعيد ليتفق مع الثلاثي فيروز وعاصي ومنصور علي الغنأ في الإذاعة المصرية۔ وجأت فيروز إلي مصر۔ ومما لا يعلمه الكثيرون أنها شكلت ثنائيا غنائيا مع المطرب المصري (كارم محمود)۔ وفي القاهرة أيضا جأت أهم أعمالها في تلك الفترة۔ وهي قصيدة (راجعون)۔ ثم يعود الجميع إلي بيروت وتنجب السيدة فيروز ابنها الأول( زياد) 1956 الذي سيلحن لها فيما بعد أغاني عديدة مثل ألبوم (وحدن) عام 1981۔ وللسيدة فيروز ثلاثة أبنأ أخرون هم ابنها (هالي) 1958 وابنتها( ليال) 1960۔ أما الصغري فهي( ريما) 1965 وإلي جانب الأخوين رحباني غنت فيروز لملحنين أخرين مثل فيلمون وهبي۔ ومحمد عبد الوهاب۔ وإلياس الرحباني۔ وقد غنت فيروز أكثر من 800 أغنية۔ أما قائمة شعرائها فتضم: نزار قباني۔ عمر أبو ريشة الأخطل الصغير۔ ميشيل طراد۔ قبلان مكرزل۔ سعيد عقل۔ بدوي الجبل۔ أبو سلمي۔ أسعد سابا۔ جوزيف حرب۔ طلال حيدر وأخرين كما غنت كذلك بعض قصائد جبران۔ هذا إلي جانب شعرأ قدامي مثل عنترة الذي غنت بعض أبياته خلال غنائها للموشحات الأندلسية. في عام 1971۔ ذهبت مع الفرقة في رحلة إلي الولايات المتحدة۔ والتي بدأت معها شهرتها الدولية فغنت بعد ذلك في أشهر المسارح العالمية۔ مثل رويال ألبرت هول في لندن وكارنيغي هول في نيويورك۔ وأولمبيا في باريس. ويذكر أنه عندما حان وقت العودة من لوس أنجلوس إلي لبنان۔ تعمدت التخلف عن الرحلة وذلك لشرأ كرسي كهربائي لابنها المقعد هالي۔ كما أن الطفلة ريما في فيلم (بنت الحارس) هي نفسها ريما ابنة فيروز وعندما أصيب عاصي بالنزيف في الدماغ۔ كانت السيدة فيروز نزيلة ذات المستشفي۔ ولما علمت بالخبر نزلت إليه ومعها كتابان وضعتهما تحت مخدته۔ الإنجيل والقرأن. ولكن علاقة( فيروز) بالأخوين رحباني بدأت في الاهتزاز في أواخر السبعينيات حتي انقطع رباط العمل فيما بينهم۔ ولكنها استمرت تغني أغانيهم وأضافت ألحان زياد المتأثر بموسيقي الجاز. كما عملت مع زكي ناصيف وجددت العمل مع محمد محسن. وقد قدمت فيروز خمس عشرة مسرحية هي: (جسر القمر۔ الليل والقناديل۔ بياع الخواتم۔ أيام فخر الدين۔ هالة والملك۔ الشخص۔ جبال الصوان۔ يعيش يعيش۔ صح النوم۔ ناس من ورق۔ ناطورة المفاتيح۔ المحطة۔ لولو۔ ميس الريم۔ بترا). أما حفلاتها فقد تجاوزت الخمسين منذ أيام الحصاد 1957 وحتي دبي 2002۔ متنقلة بين كافة أرجأ المعمورة وفي 1993 تبكي فيروز لأول مرة وهي تغني (لا تخافي۔ سالم غفيان مش بردان). وقد قال مراسل البي بي سي عن حفلة فيروز عام 1986 أنها اديت بياف العالم العربي (المغنية اديت بياف.. شهرتها في فرنسا توازي شهرة أم كلثوم لدينا) لقد حطمت نتائج مبيعات التذاكر التي حققها فرانك سيناترا. وصلت سعر التذكرة في السوق السودأ إلي حوالي 1000 جنيه إسترليني. في عام 1988 وفي فرنسا أحيت فيروز أكبر حفلة يقيمها مغن عربي في الخارج۔ حيث حضر نحو 15 ألف متفرج. حصلت السيدة فيروز علي العديد من الأوسمة والجوائز منها وسام الاستحقاق اللبناني1957 من الرئيس (كميل شمعون)۔ وهو أعلي وسام في الدولة يناله فنان۔ وسام الأرز.. رتبة فارس من لبنان 1962۔ وسام الاستحقاق اللبناني۔ ميدالية الكرامة التي قدمها لها الملك عحسينع 1963۔ وسام الاستحقاق السوري 1967۔ وفي عام 1975 تم إصدار طوابع بريدية تذكارية عليها صورة السيدة فيروز۔ كذلك وسام النهضة الأردني من الدرجة الأولي۔ وسام الكوموندور الفرنسي 1988۔ جائزة القدس في فلسطين 1997۔ وسام الثقافة الرفيعة ء تونس. وفي عام 1997 حصلت فيروز علي ميدالية الفنون للمرة الثانية من فرنسا۔ 1998 ميدالية الإسهام الاستثنائي من الدرجة الأولي۔ وكانت تلك أخر ميدالية يقدمها (الملك حسين) قبيل رحيله. تعرضت فيروز لعدة مواقف غريبة وقاسية منها منع أغانيها من البث لمدة سبعة أشهر في لبنانº وذلك لرفضها الغنأ للرئيس الجزائري (هواري بو مدين)الذي كان يزور لبنان. وفي الثمانينيات بدأت الحرب الأهلية اللبنانية۔ لكن السيدة فيروز قررت البقأ في بيروت ء حتي بعد أن دمر أحد الصواريخ منزلها ءوقد تعمدت فيروز ألا تغني في سنوات الحرب حتي لا يعد هذا انحيازا إلي أي حزب۔ وبعد أن انتهت الحرب۔ أقامت حفلة في ساحة الشهدأ عام ألف وتسعمائة وأربعة وتسعون