كيف يسلو عن الهموم غريب ترك العز خلفه وبلاده
أذهبت عزه صروف ليالي نفضت عن علاه ما كان شاده
فعليك معولي يا أبا مد ين يا غوث خائف يا عماده
يا منيل المطلوب يا جابر كس ر طريد ألقي له بالمقاده
...
ما لليل الهموم عندي فجر فبياض النهار حكي سواده
...
ستبكيه بيض الهند والخيل والقنا وتندبه أنصاره وقبائله
وتبكيه أيتام مضاعون جوع إذا المحل لاحت للعيون مخايله
ويبكيه مظلوم بملء جفونه إذا سترت شمس النهار قساطله
...
فمن لي بصبر بالدموع صبابه وكيف وقد صارت أيامي حلائله
فما عذر جفن لاتفيض هوامله وما عذر قلب ليس تغلي مراجله
فيا مهجتي ذوبي أسي وكأبه علي من توارت بالتراب فواضله
...
فيا صاحبي إن كنت لي خير صاحب فساعد بجفن ليس يرقا هامله
...
لعل التأسيي يعقب القلب سلوه ويخمد وجدا ليس تخبو مشاعله
ويطفي بفيض الدمع حزنا تغلغلت بباطن أحشاء الحزين دواخله
علي أن دمع العين فضل حشاشه تذاب فما تجدي الحزين هواطله
...
وأعظم ما يلقاه ذو الحزن والأسي شكايته يوما لمن لا يشاكله
يخاطب شخصا ذاهلا عن مصابه وقلب المعني قد أصيب مقاتله
يقال تجلد للزمان وصرفه فحزن الفتي إن دام لاشك قاتله
ومن لي به والحزن يذكي لهيبه بفيه الثري هل يعرف الصبر ثاكله
لقد فارقت نفسي الشجيه صبرها كما فارقت كف الشجاع مناصله
...
همام حوي المجد المؤثل يافعا كما حازه من قبل ذاك أوائله
قضي في طلاب العز أقصي مراده ولو عاش ما أعياه أمر يحاوله
ألهفي علي موت المكارم والعلي بموت كريم يخجل السحب نائله
جميل المحيا يستنير طلاقه كما نار هندي جلته صياقله
ينم بأسرار المعاني جبينه وتذكو بعرف الجود منه شمائله
...
كأني أراهم أمنين بموته وحق لهم أن لا تنام غوائله
فهم منه في خوف يشرد نومهم ومن هابه يزجر عن العذل عاذله
وقل لهم إن الحمام بمرصد ستغتالكم أشراكه وحبائله
وما المرء إلا كالغريق ودهره يموج به كالبحر والموت ساحله
فلا تفرح الأعداء إن غاب بدره ففي نسله من يحمل المجد كاهله
فما غاب إلا شخصه وعيانه وفينا ثوت من غير فخر فضائله
...