ظعن الصبا ومن المحال قفوله ... أن كنت باكيه فتلك طلوله
قف عنها خيل الدموع ورجلها ... وأندب شبابا شط عنك رحيله
نزحت بثينته وليلاه معا ... فبكي المعاهد قيسه وجميله
رعيا لجيراني وللظل الذي ... قد كان يجمعنا هناك ظليله
هذي ديارهم فمثلهم بها ... إن المتيم شانه تمثيله
واندب إخلاء المصافاه الألي ... فلربما ندب الخليل خليله
عهد أحيلت حاله فاليوم لا ... معقوله منا ولا منقوله
أشجاك مجتمع عفت أياته ... وتعاوته شموله وقبوله
قد كنت تصغر عن سني فتيانه ... فاليوم تصغر عن سنيك كهوله
ولقلما تبقي الرسوم فويح من ... أهواه من هذا المتاع قليله
لا يأمنن ذو مهله فكأن به ... قد يممت دار المقام حموله
ما كان ماضي العيش إلا خطره ... خطرت ووقت قد تتابع جيله
أسفا علي زمن كريم عهده ... ولت غضارته وغاب سبيله
ضيعت في طلب الفضول بكوره ... لكن ندمت وقد أتاك أصيله
دع عنك تذكار الصبا أن الصبا ... رسم   يهيج لك الغرام محيله
يا مفرقا نزل المشيب به أتئد ... فالحر لا يؤذي لديه نزيله
لم يعتمد شيب محله لمه ... سوداء إلا والحمام زميله
قد كان أنسي في الشباب فصدني ... وأبي علي وصاله ووصوله
فعليك يا أنسي تحيه مقصر ... طاحت عن اللذات منه ذحوله
حسبي إذا رمت الأنيس مؤنس ... من ربنا سبحانه تنزيله
تبدو الحقائق لي إذا رتلته ... يا حبذاه وحبذا ترتيله
يبلي الزمان ولا يزال مجددا ... لا نصه يبلي ولا تأويله
أعظم به للمؤمنين مفصلا ... فرق الضلال من الهوي تفصيله
نال الهدي والبر حامله كما ... نال الكرامه والعلا محموله
أدي أمانته أمين ناصح ... في السدره العلياء طاب مقيله
ووعاه عنه مصطفي متخير ... صحت رسالته وصدق قيله
فلشد ما قد أحسنا في أمره ... هذا محمده وذا جبريله
للناشقين به رنيد كلما ... مدت من الليل البهيم سدوله
كم تحت هذا الليل من متململ ... متملق خرق الحجاب عويله
من كل من راقت أسره وجهه ... وحلا له بين الأنام خموله
ذي مشيه هون وبرد ومنهج ... وعلي المقامات العلا تعويله
رفض الوجود ولم يبال برزقه ... لم لا ومولاه الغني كفله
لله منه في الدجنه وقفه ... هب النسيم لها فهب بليله
فإذا الصباح بدا طوي منشورها ... صونا لسر والجهول يذبله
يا حاضرا عندي وليس بجائز ... إدراكه إن العقول تحيله
يا غائبا عن ناظري ولم يغب ... إحسانه عني ولا تنويله
يا واحدا حقا وليس بممكن ... تشبيه كلا ولا تخييله
أنا ذلك العبد الظلوم لنفسه ... زلت به قدم وأنت مقيله