وقال في إجازه له أخري لفظها:
الحمد لله المنفرد بالعظمه والكبرياء والجلاله التي أعشت أشعه صمديتها مرأه بصائر الخواص من الأولياء, والصلاه والسلام علي سيدنا محمد المقتعد بعزته القعساء حقا ذوره الكمال والعلياء, والمبتعث للفوز إكسيرا وللسعاده كيمياء, وعلي الأل والأصحاب ومن انبسط به بسيط تلك الأفنيه والرحاب, خير هذه الأمه, ومصابيح دياجيها المدلهمه, حتي لو لم يختم الله علي النبوه لكان كثير منهم أنبياء, والرضا عن كل من هو لهم تابع, وعقد علي عروه هذا الدين المحمدي الوثقي عقد الأصابع, فلهم المنه العظمي بما تناقلوه من أنواره إلي يوم الختم والانتهاء, وبعد فإن هذا الفقيه الجليل القدر, الحسن الذكر, الأجل الأفخم الأوحد الصدر. سيدي علي بن ...له ذكاء ثاقب بين يدي, وتصدي فيمن في سالفها للقراءه بمجلس الدرس لدي. ولهذا العهد تاقت إلي طلب الإجازه له نفس أبيه, لم تزل علي تحصيل حاصل الأماني حريصه بهمه سنيه, فكنت فيمن ألح عليه فيه, وأشار إليه بكاتا يديه وفيه, واستدعي ذلك بما قدم أعلاه, ورقم من ذلك النسيج المحبر في أولاه, وجني علي غراسه أزاهر حديقته, ونظم من نثر بدائعه جواهر حقيقته, فجر علي بني جنسه ذيل الإعجاب, وكشف جلباب الإحسان عن خفي مفاخره فانجاب.
وكيف وقد عكف منذ أيام طوال, وواظب علي طلب العلم مدا أزمان خوال, حتي امتطي للمعارف غاربها وسنانها. وأيقظ لاقتناء الفضائل جفونا كان الكسل عن نيل المرام أنامها, فانثني وهو حميد الوصف, كريم بما تصعد إليه علي شفا ذلك الجرف.
فليكن لي بذمامه عرفان, ولزمام مواخاته ومصافاته طرفان, وبحسب ذلك تعين علي من عين التوفيه بالجواب, والحر لو دعي إلي طعنه لأجاب, وإلا فما أنا وذاك, وما كان أحقه أن يقال له في حق نفسي لقد أبعدت مرماك, فقد استسمنت غير سمين, واستمسكت بعري حبل غير متين, وأويت منه إلي ركن غير حصين.
ولما لم يعفني مما طلب, وكلفني فوق الطاقه بما غلب. وعاينت حسن ظنه وجميله, وعين الرضا عن كل عيب كليله, وأني لي بعبور ذلك المجاز, وأنا لست بأهل لن اجاز, علي الحقيقه لا المجاز. تمثلت بقول القائل:
ولست بأهل أن أجاز وإنما   قضي الوقت يرقي الدون مرقي الأكابر
وقلت إسعافا لمراده الذي لا يخالف, قد أجزته ولكن علي الشرط المألوف المتعارف, إجازه تامه, مطلقه عامه, في كل ما سمعه مني وفي غيره من مسموع ومقروء ومروي مما سمعته وقراته ورويته عن مشايخي, الذين كان وقف عليهم الاختيار, وقضي بتقدمهم وتقديمهم التمحيص والاختبار, والله يجعلنا وإياه ممن سعد بعلمه, ووسعه من الله سبحانه دائره حلمه, ويختم علي الجميع بالحسني, ويجعل مأبنا ومثابنا المقر الأسني.