هواجس الشاب القتيل
نصُñ شعري للشاعر: مهتدي مصطفي غالب
((إنني حقاً من كوكبٰ شرير))
أرثر رامبو
(( عرفت أني قد قٓتöلت))
لوركا
(حين كان طرفه بن العبد الفقير لله تعالي بين الفصد و السُكر انتابته هذه الهواجس)
(1)
أصحوتٓ الأن أم ...¿
حين أفتحٓ أوراقْ الرؤيا
تصير في شوارعي قبائلْ
تغتسل بماء الواحات و الرماد
أصحوتٓ الأن أم ...¿
أركضٓ كما الخيل
عطشي وراءْ الليل
و علي أسرابö الغيمö
أفتحٓ القراءاتö ۔ و أتمتم السُْواد
(2)
هنا البوارٓ
و الصوتٓ المشُْردٓ يرقصٓ كالإفريقي
علي إيقاعö الانتظارö
هنا مواسم ليست للشُöحö
و أطيارñ تنادي الصرخات
دمعñ في القلبö
و طلقاتñ في الصدي لا تعرفٓ الارتداد
أصحوتٓ الأن أم ...¿
جئتٓ في مواسمْ لا فصول لأمطارها
جئتٓ ..شربتٓ صحوْ الصمتö
هل أحملٓ أخرْ ما تبقي في الكأسö و أمضي ¿!
هل أمرغٓ وجهي بماءö البيوتö و أمضي ¿!
((إذا ما جاءْ ما لا بدُْ منه))(1)
انهضي يا قري الجراد
عاودي التفتحْ علي مساماتö الجلدö
طريقاً ...لبقاً نحو الإغتسال
هو العريُٓ ..واجهْ الوقتْ
هو العريُٓ ... ينثرنا علي مساحهö البلادٔ
كالخنجر غادرني الغمدٓ
توسُْطْ الجسدْ
((فلما رأي أنُْ لا قرار يقرُٓهٓ))
أحرزْ القلبٓ شهادهْ طعنٰ
و عبرنا .. عبرنا ..القلقْ ۔ الهلعْ
كالسُيلö خرجتٓ من سمائكö إلي الأرضö
كالدمعö غافلتٓ عينيكö و نهضتٓ صوبْ الشمسö
(( و إذا القوم قالوا من فتي))
أعديني لقوافل تأمر عليها الرمل
أعديني لأمواج ما صادفها بحر
أعديني لمواسمْ لا ماءْ ۔لا زرعْ ۔ إلا الجرادٔ
أعديني للموتö و العشقö ۔ و لحظات الارتدادٔ
و ما زلت أتعمُْدٓ برملö الوحشهö   و الصحراءö
و مازلت أٓسيُöرٓ دميْ فيكö كلُْ مساءٔ
أنت ما تحتْ جلدي
ما فيُْ
ما بينْ أصابعي
علي خلايا دمي تركعينٔ
كالطفلهö الطلقهö ..تبكينٔ
(3)
(( أصحوتö اليوم ..أم ..¿))
ما الذي حولْ في عينيك الخوفْ رمادٔ ¿
ما الذي حولْ حنجرتكö طقسْ جمادٔ ¿
أعديني للمواقفö الأتيه ..
أعديني للشوارعö الأتيه ..
أعديني للمقاصلö الأتيه ..
أعديني لموانئ لا ترحلٓ خلفْ موتها
أجلسٓ فيكö
ترتعدينْ فيُْ
أحدقٓ فيكö
تقتليني فيُْ
و ما زلتٓ أعاودٓ الحضورْ كلُْ حينٔ
السنونٓ التي شرُْقتٔ خلفْ ارتحالكö
الطيورٓ التي لاحقتٔ الماءْ
الأكفُٓ التي زرعتٔ جسمْكö بالطلقاتٔ
أعرفها ...هي البلادٓ حين يغرقٓ فيها الماءٓ
هي النارٓ حين يبتلعٓها الرمادٓ
ضمديني بكلُö الجراح ...و الأه ..
العالمٓ علي شفهٰ قتيلٰ
ينهضٓ ليموتْ كلُْ صباحٔ
(4)
(( عدْدٔنا لهٓ ...))
اقرأٔ باسمö الشوارعö الممددهö خلفْ الخطوö
مناديلْ خنقٰ و لحظهْ مماه
اقرأ باسمö القوافلö ..وجهْ الواحهö ... و أيهْ الرحلاتٔ
اقرأ باسمö المسافرö خلفْ القلقö
سفينهً أشرعتٓها سرابٓ شتاءٔ
حين تفتحñ جبههٓ الصباحö فنجانْ قهرٰ
سيكارهْ عدوٰ لا ينتهي صوبْ الماءٔ
اقرأ شاهدهْ موتöكْ
حين يغلفٓكْ الرمادٔ
(5)
أيتها الأرضٓ.. لا تقبريني ..  
أيتها الأرضٓ ... لا تأتيني ... اقتليني
أيتها المرأهٓ الرائحهٓ صوبْ دمي و قيدي
لا تقربيني
هنا مكانٓ العينö اتجاهñ صوبْ الخوفö
هنا مكانٓ الكفُö بصماتñ للخنجرö
هنا مكانٓ القلبö بقايا للطعنö
فاخرجي مني ..
و علي حجرٰٰ لا تستقرٓ
اسندي ما تبقي من الجمرö في الرأسö و ادفنيني
حين السنين تقفٓ فيكö
عليُْ ألا أكونْ أنا
عليُْ ألا أكونْ هنا
و كلُٓ ما هنا كالعالمö حولي يدورٔ
تمرُٓ الغاباتٓ
تمرُٓ الشهواتٓ
تمرُٓ الطيورٓ
و مساحاتñ ما بيننا تأتي و تذهبٓ
كلُٓ ما فيكö ...لديُْ
قتلهñ ..أدعياءñ ... قياصرهñ
كلُñ ما فيكö ...لديُْ
شجرñ .. رعبñ ..رمادñ
علي حدودö جسمكö أسكروني
و صلبوني .. و فصدوني
هي الروحٓ أخرٓ ما تبقي في واحهö الجسدö من ماءٔ
(6)
يا عابقاً بالوقتö و الأشعارö البائده
اخرجٔ من نهوضكْ
تعمُْدٔ بماءö الوحشهö
ركُöزٔ أخرْ ما تبقي من سهامكْ في القلبö
انتشرٔ في ماءö القتلö
اخرٓجٔ من نهوضكْ
توُöجٔ الشجرْ في جسمكْ
ملكاً للتوهمö و البقايا الرجسهٔ
هي الحياهٓ لا زالتٔ بخسهً .. بخسهٔ
اخرج من تعمُدكْ
و اركضٔ خلفْ الفيافي كالغبارö
كي تصلْ الانتظارٔ
و ألتقيكْ فاراً صوبْ الشمسö
علي كفُيكْ بقايا نهوضٰ و قصيده خمرٔ
(7)
هي القبائلٓ ..تعتمرٓ الأحذيهْ ... و تقتلٓ الروحْ
هي القبائلٓ ...تشربٓ المبادئ كالأنهرö العفنهö
هي القبائلٓ .. تغمُöسٓ الروحْ بالدمö
و تطفئٓ ما تبقي في الجمرö
هي القبائلٓ ..تلاحقٓ القوافلْ حدُْ الفناءö
هي القبائلٓ ..غْطöسٔها في القلبö
حينْ لا قلب في الرمادö
و اشربٔ ما تبقي من الدمعö
هو الحزنٓ ...مفتاحٓ الشرقö و أغنيهٓ البهاءö
هو الحزنٓ ..يمشي حين يقفٓ في حلقنا الوقتٓ
هو الحزنٓ .. ما يأخذٓكö مني
حين يطأٓ القيصرٓ سفنْ السماءö
(8)
(( أصحوت أم ...))
لا .. لا ..
لكلُö طفلٰ في الحرفö تاريخ
لكلُö طيرٰ في الدمعö جدول
لكلُö شجرهٰ في القلبö دماء
لكلُö خنجرٰ في الظهرö مكان
كفكفٔ دموعكْ
انتصلها حينْ يغطي العالمْ الجرادٓ
كفكفٔ دموعكْ
سيُöلها في الخدودö ..طوفانْ نوحٰ يمحو البلادٔ
هو الموتٓ أخرٓ الحصادö ۔ و أولٓ الحياهö
(( و إن كنتْ لا تستطيعْ دفعْ منيتي
فدعني أبادرٓها ...بما ملكتٔ يدي ))
(9)
(( أسلمني قومي ))
أرسلوني خلفْ خطوö الدمعö و الموتö قصيده
و عدوني بوجهك يلفحٓني
كرائحهö الهيل في دلاتنا البائدهö
أرسلوني ...
أحملٓ شهادهْ موتي ... بقايا صوتي
خْجöلْتٔ دمائي من الطعنö ... و طعنتٓ في الظهرö
خجلتٔ خلاياي من الخمرö   ... و سكرتٓ حتي القبرö
خجلتٔ جثثٓكم من القتلö   ... و قتلتمٔ حتي القتلٔ
(10)
(أصحوت الأن ..أم !!)
لا ...لا ..
لن أتوقفْ كما الملح في الحلقö
و سأقرأ باسم السُñمö العالقö بالدمö
أطياراً تتناسلٓ في هجرهö التاريخö   ... علي دمعنا الصحراوي
قافلهً تأكلٓ خمرْنا .. رحيقاً في عسلö القلبö
نمشي ..
يداً تتوسُْدٓ الدُْمْ
و أخري تمسحٓ العتمهْ
لا قلب إلا المناديل
لا يد إلا التوابيت
لا سماء تعطي مطراً بل أشباهْ شتاء
هنا قائمه تأتي من جفر(2) الإماء
تقرأٓ الغيبْ
فاقرأ فتراتٰ لا تأتي
وقرناتٰ(3) تمضي حلماً أشعثْ
يخرج من أظلافö الوقتö
هذا الكون شارعñ مصطخبñ بكö
هذا الدمعٓ قافلهñ تتوجهٓ منكö
يا جلديْ المتخمرö حين تهرمٓ الصحاري
و ينتحرٓ المحلٓ
هل عرفْ (بن هندٰ ) كيفْ يشربٓ الألوانْ
و تتشرُْدٓ المفرداتٓ في حبرö الطلقö
هنا خنجرñ في الحلقö
هنا قلبñ راكضñ في ثوبö الأفول
أماهٓ .. هنا تموتٓ العينٓ خلفْ الرؤيا
و الشمسٓ تتعلقٓ بعصفورö الروحö و تمضي
(( و لا أدري بعيداً غداً
ما أقرب اليوم من غدö ))
أري الموتْ ..
أعرفٓ أنُْ الدربْ موطئٓ الرياحö علي دمي
أعرفٓ أن الخوفْ فاتحهٓ الأياتö و بقايا الأحزانö
أري الموتْ ...
أفتتحٓ العالمْ نافذهً لبلادي
أشتهي الموتْ أولا ... لبلادي
أطلقٓ دمي حادياً لبلادي
في كلُö كرمٰ يٓعٔتصرٓ .. تمشي الأفئدهٓ و الرصاصٓ
في كلُö بنفسجهٰ تتفتحٓ فوقْ قبرٰ
تأتي أمي ... و أسافر
يأتي قلبي .. و أسافر
تأتي بلادي ... و أسافرٓ عاصفهً صوبْ النارö
يا صوتاً أول النهار
و خمراً أخر النهار
حْمْلوني أخرْ ما تبقي من الموتö ... لأمضي ..بلا صدي
(11)
أخبرتني الخمورٓ التي سكرتٔ من دمي
أخبرني الملحٓ العالقٓ في الجرحö
أخبرتني بلادي .. و أنا الهاربٓ صوبْ الموتö
أنُْ الانتظارْ ... قتلñ
أنُْ الانتحارْ ... قتلñ
(( و لكنُْ مولاي امرؤñ هو قاتلي ..))
و أنتö لا زلتö تكبرينْ كلما أقتلٓ
تبدأٓ بلادي
تجرُٓني القصائدٓ حين الليل ۔ تجاهٓ الخمرö
هو الشُöعرٓ لحظهٓ عشقٰ و جرحٔ
و هل يٓقٔتْلٓ الحرفٓ حين (( احضروا الرأسْ ..و لو في كأسٔ ))
لبستٓ جلدْ الخمرö و الحنينö القاتلö
شوكñ عالقñ في القلبö و الصباحö
هنا النارñ ثلجٔ
هنا كتابñ يقرأٓ سرُْ الماءö
قاومتٓ .. قاومتٓ و القهرٓ احتضارñ
يا قلبٓ ...
هذي خيامٓنا ترفعٓ محاريثها و تذهبٓ للاشيء
هذي بلادٓنا نكونٓ و لا تكونٓ
(( احضروا الرأسْ ..و لو في كأسٔ ))
معاً ..
تاريخٓ القصائدö صرخهñ و أه ..
و شيءñ ييبسٓ في الفمö كالريقö
كنا مع النورö نسكرٓ كلُْ صباحٰ
نكتبٓ تاريخْ الحجرö و النارö
و كانوا يعدُٓونْ الرماحْ
ما كلُ يومٰ تٓقْدْمٓ البلادٓ تحتْ الظلُö
ما كلُ يوم نحملٓ جثثنا و نذهبٓ إلي الموتö بخطي واثقه ...و أشعارٰ حقه
ما كلُ يومٰ نطرقٓ أبوابْ الكونö كالشمسö
(( حسامñ إذا ما قمتٓ منتصراً بهö ))
من قال : قٓتöلٔتٓ أو قٓتلوا
من قال : سٓكöُتٓ أو سٓكُöتوا
و ها هو الرأسٓ في قاعö الكأسö يبدأٓ تاريخْ المواسمö
(12)
لا عناوين تطالٓ الحبرْ
لا خناجر تؤرخٓ لوجهكö الطفلö
بل وجهيُْ المقتولö
هو الوعدٓ : (( إن متُٓ فانعيني بما أنا أهله ))
و افتحي يا عذراءْ القلبö عينيك نبضاً كالبرقö ..
يخرجٓ من ماءö الحقولö
هو من يقرأٓ
باسمö الرمزö ..دمعْ التاريخö
باسمö الضبابö .. رائحهْ الماءö
باسم القراءهö ...طعمْ النارö
لا يعرفٓ الرمادْ ... لا يعرف الرمادْ
سكنْ سهمْ الشُöعرö و انطلقْ صوب الامتدادö
(13)
راقبني الأصدقاءٓ
كيف تخلخلْ جلدي و ذابْ في الملحö
شالوني و بكوا
رحلوا أو رٓحöلوا
حين أورقْ السُٓمٓ في دمي طعمْ الشبقö
(( وقوفاً بي صحبي))
و الماءٓ يدخلٓ جزيرتي نهرْ صباحٔ
وقفتٓ علي شرفهö الموتö
كان الوقتٓ عصراً ..أو ظهراً ...أو مساءً
خمرñ من حولي
خمرñ في دمي
خمرñ في رؤاي
كالضوءö انسللتٓ من زجاجö بلادي نحو القتلö
هنا في جزيرتكم أو شبهها تركني الأصدقاءٓ
لا ماء في اليدö
لا دم في القلبö
خمرñ في الدمö
خمرñ في القلبö
خمرñ و ملحñ مكانْ الفصدö
لا أصدقاء ... لا شجر ...لا واحات
يولدٓ الشاعرٓ و في دمهö الزُٓعافٓ
وقفت و الموتٓ
يعيشٓ الشاعرٓ و في دمهö الزُٓعافٓ
وقفتٓ و الموت ..
يموتٓ الشاعرٓ و في كأسهö الزُٓعافö
شجرñ علي جلدي يتخمرٓ
هذه الصحراءٓ تدخلٓ جروحي
و أنتö انتظارñ لا ينتهي
واقفñ و الموتٓ
صاخبñ حضورٓك و غيابي
وردهñ في القلبö
واحهñ في الدمعö
(( تلوحٓ كباقي الوشمö في ظاهرö اليدö ))
أمشي ... كلُي مقتولñ إلا عيوني
أمشي شجراً في الفصولö
أمشي حلماً يأتي كلُْ حين
أمشي ... وقتْ يحضرٓ الماءٓ
أمشي ... و أمشي إلي الموتö
حين يخبو الجمرٓ و ينطفئٓ العناقٓ
أمشي و في القلبö تركعٓ البلادٓ
و أبقي معكö و الموتٓ ... مساحهñ تتذكرٓ ...انسياحْ الماءö
___________________________
(1) ما بين الأقواس بعض من أشعار طرفه بن العبد مع بعض التعديل اقتضاه سياق القصيده
(2) الجفر : كتاب يٓعتقد أنه يقرأ المستقبل
(3) القرنات : جمع قرنه ۔ و هي فتره زمنيه ذات مواصفات لاهوتيه معينه و كذلك ( الفترات : جمع فتره)