الي محمد الماغوط

هكذا رحلت ..
بكل سكينه الأولياء والأطفال
لم تك عاشقا
فرغت للتو من مهمتك الجميله
أقرضت اللغات كل بهاء الطفوله
وأطواق الياسمين
ثم رحلت كأخر المسافرين علي جنح رخ عتيق نحو مدائن الشعر
عانقت الموت بالدفء والحميميه التي تستحق
وكنت قد أوقدت كل شموع اليقين ساخرا
وهززت المساءات من أكتافها لتنبه طاقاتها الغفل
وأستويت
هادنت 'نيسان' شهر الأكاذيب والحب
لينشر موتك مع تفتح ورده
أو علي جنح فراشه خرجت للتو من الشرنقه
أشهرت في وجهه غيوم الوجد الظاميء
وحنيت الغابات المدلهمه في دمه بنكته خارجه
فضحك وغبت
انسللت من دم اللغات و من مساحات العبث
هادئا كمسيح
ولم تأبه إلا لدخان عشيقتك الخرساء
وكأخر سلالات الأحياء والشعراء والموتي
عانقت الشعر لتدلل حرائق الشوق في رئتيك
أبحرت علي نقطه سقطت من إحدي نصوصك
نحو فجر رسمته عند غياب القمر
خفيفا رحلت ۔ كمجرد ضحكه رائقه
تحسست جلدك ۔ كان ثمه أطفال ۔ وأوطان وزهور ونساء
غرغرت بما تبقي من قصيدتك الأخيره
وصمت

2]

اللغه خلعت أصابعها صلاه عند جثمانك
تنهدت المعاني الحيري علي بابك
فمن سيتكفل بعد بابتكاراتها الموجعه¿
ومن سيدغدغ الأشياء الهشه والعفويه لتتشكل نصا يعجب الزراع ¿
ومن سيكور الحروف بعذوبه طفل ينفخ بالونه ويهبها رشوه للسماء
كي تصنع له أمه قطعه حلوي كبيره
أو كي ينجو من عقاب مدرس القواعد ..¿
ومن سيعتق الكلمات لتغدو ماده صالحه لصوغ عباره غير صالحه
لخائن الخيانه بين يدي وطن لايصلح إلا أن يكون نخبا .. ¿
ومن سيزرع الحشائش عند مستوي الأفق
ويجعل بين السماء والأرض جسرا من الغيم والياسمين ¿
ومن سيكمل ما تبقي من كلام لايزال يتعلم كيف يحبو عند مدارج الصمت
ليمشي إليك طريا لايقال ¿
ومن سينقذ اللغات التي ستغرق في حليب المتاهات
حين تغص بالحشرجه¿
ومن سيقايض الرسالات علي فوضي المعاني حين تتبخر بالحنين
وتقصي روائح الأشياء إلي مبتداك¿
ومن سيقاضي العصافير علي أغنيه استباحت دماء الشعر عند المساء
بين يديك ¿
ومن سيغلق أبواب الكلام المنفتحه علي بهاء العباره
وهي تنتظر النقطه والفاصله ¿
ومن ..¿
ومن ..¿
ومن...¿
واللغه تتهجي الظلال
وتكتم الصرخه في ثوب الحداد

3 ]

ماذا أبقيت للشعر ولنا ¿
وعند أي مساحه من الحزن أو الفرح ينبغي أن نقف لنبكيك ¿
وعلي أي زاويه سنعلق حلتك الخرافيه كيما نتبرك بها
وكيف سنلعق بعد حليبك السردمي ولانشرق بالمنتهي
وكيف لجثه الزنبق / ابنه الماء أن يأكلها اليباس
وكيف ...¿
وكيف ...¿
وكيف ...¿
4 ]
من قال أنك رحلت ¿¿
وأنت لازلت كحل الطرقات وعطر المشيئه
صدي وشوشات الأنجم الخضراء عند مفترق الطريق
غابات الزنبق فوق سطوح البيوت وبين الأزقه
شجر الجوز الى يسامق قامته بالهواء
عند الضفاف وفي لذعه الليل المدلهم
ساحر الغسق الذي يطيُر الحمامات من كمه
طراوه الليلك عن اصفرار الأفق ۔ وعند تساقط الطل
من رضاب السماء
نعش الشعر النائم في عين العاصفه
سيد الاحتمالات المتعدده المسارب ۔ كمسافر لم يتقن رجفه الاغتراب
هسهسه العبير عند هبوب السموم وعند انبثاق الضياء
منفي الصعاليك واليتامي والأنبياء
وطن التعابير الملونه الزوايا ..وغابه الأسئله