بغداد يا بغداد كيف الرقاد ! وأنت الخوف والخطر وليل بغداد ليل ماله قمر ! ها أنت في الأسر : جلاد ومطرقه تهوي عليك وذئب بات ينتظر وذابحوك كثير ¿ كلهم ظمأ إلي دماك ¿ كأن قد مسهم سعر أين المفر¿ وهولاكو الجديد أتي يهيئون له أرضا فينتشر أني التفت فثم الموت ¿ تعزفه كفان بينهما التاريخ ينشطر بغداد حلم رف واستدار كما يزف طائر نأي به المدار وحينما قصدت بابها الوصيد ذات يوم علي أضيع في رحابها الفساح أسلمت نفسي للهوي القديم واستكنت فتحت هذه الحجاره المهمشه يرقد -في شوارع الرشيد والمنصور أو أبي نواس - جميع من قرأت من نجومها ومن رجالها الأقمار ومبدعي ديوانها المملوء بالفتوح والأفراح والجراح والعمران والخراب والفنون والجنون والثورات والثوار ! وليلها المزهر في سماء عنفوانها ! كأنه نهار وها أنا أسير بين الكرخ والرصافه أبحث عن عيون هاته المها أسأل كيف طاب لابن الجهم موسم الغرام ¿ والأشعار ! وحينما تمتد ساعه التسيار أعود من مسيره الأشواق مستلقيا علي ضفاف دجله والسمك المسجوف يشعل الحنين والتذكار أسير في تزاحم الوجوه والرفاق هنا توقف أيها الدليل فهذه مكتبه المثني تفتح أبوابا من الكنوز تنفض الغبار عن كتب مطويه عتيقه لما تبح بما حوته من غرائب الأسرار وتنزل الستار ! أبحث في بغداد والعراق عن شاعر يعيش لحظه المحاق ويدرك الأفول والذبول ملء عيون لم تزل تعيش لحظه انتظار لقادم يجئ ¿ عله ¿ أو لا يجئ وما الذي يحمله الغد الخبئ من ظلمه ¿ ومن دمار ! وهل تري ينبه الصحاب والرفاق إلي الغد الذي يلاحق الصغار ! أبحث في بغداد والعراق أبحث في لفائف الذهول والإطراق عن صاحب وعن دليل يرشدني إلي مواطئ القدم لواحد من عتره الأخبار كان إذا مشي ¿ وإن أشار أو تكلما فوجهه الوضئ يمنح الوجود داره وأنجما يعطيه أنسه وحسه ومجلسه .. وكان من شذا يديه تورق العطور وتهطل الخيرات والثمار ومن جني لسانه تساقط اللألئ عقدا من النجوم كأنه فيض الندي ¿ تغتسل القلوب فيه أو كأنه در البحار ! أبحث عن هذا الحكيم في زمن للتيه والضلال والنزق لعله الحلاج... أو لعله الجاحظ ¿ أو أبو حيان... أو واحد لا نعرفه في موكب النفاق والخديعه اختنق أبحث عن هذا الحكيم لعله يعود بالضياء للحدق لعله ينجي من الغرق من قبل أن يهدم ذاك المسرح الكبير وتنزل الستار ! ****** دار السلام ! وهل جربته أبدا وأنت قنبله بالهول تنفجر طاشت رصاصاتك اللاتي قذفت بها في كل صوب ¿ فزاغ العقل والبصر كيف ارتضيت خنوعا لا مثيل له والروح في قبضه الطاغوت تعتصر كم نافقوك ¿ وكم صاغوا ملاحمهم والحلم يطوي ¿ وظل المجد ينحسر داست سنابك جلاديك فوقهمو فالناس صنفان : مقتول ومنتحر ياكم جنيت وقد أبقيتنا بددا في أمه ساد فيها الذل والخور ماذا ترومين ¿ جلاد وعاصفه ونحن بالصمت والخذلان نعتذر جيكور ماتزال ¿ والسياب يبحث في الشناشيل التي تهدمت عن ابنه الحلم ¿ وعن جبينها الوضاء مازال واقفا يصيح : كيف ارتضيت أن تكوني للطغاه سدره ومتكأ ¿ وأن يعشش الخراب فيك سيدا ملكا وصبح الزمان داجي الرؤي ¿ محلولكا ! يا ويل من أن ببابهم أو اشتكي فصار للكلاب عظمه ¿ ومضغه لكل من روي ومن حكي ! وفي البعيد يضرع النخيل ¿ والهواء منعقد ¿ كأنه أنشوطه المخنوق ساعه الإعدام .. ثم شئ ضاغط ¿ كهجمه الوباء وقع الدرابك التي تهتز بالغناء كأنه النشيج ? أو لعله البكاء الأرض قد ضاعت فأين طله السماء ! وأين وجه شارد قد هام في العراء وأين ظل ¿ كان في جيكور ظل باذخ وماء ! وكان نخل شامخ ¿ فيه شموخ العراق وكان صوت هاتف يفترش الأفاق وينشد الأطفال من قصيده السياب : يا مطرا يا حلبي عبر بنات الجلبي يا مطرا يا شاشا