ماذا يجمعُنا
غيرُ الذوبانِ بحبٍّ
نعشَقُهُ ذاكَ لانَّ بِلَذَّتِه
أنْ نَتَجَرَّدَ مِنْ كلِّ المحسوساتِ
ونسمو
أنظرُ في بسمةِ عينيكِ
الغارقتينِ بها مدنٌ مسحورة
أغفَلَها الآثاريْ ( هرتسفلد )(1)
مدنٌ أعشقُها
مثلَ ( حَلَبٍ ) وأحبُّ الأعماقَ
اللامحدودةَ فيها
أرحلُ فيها بشراعٍ
من وقعِ النجوى المبثوثةِ
منها أنفاسُكَ تُحْيي
فيَّ مواتَ شواردِ أشعاري
ويشرحُ صدري بوحٌ
تتعانقُ فيه
الأحرفُ تتماهى
في ملكوتِ الله
أختارُ لحسنِ مُحَيّاكِ النوراني
الباهي وشاحاً طَرَّزَهُ
حرفُ بديعٍ ينبضُ قلبي فيه
جناساً وطباقاً
مثلَ تَرَدِّدِ موجاتِ الماءِ
بضوءِ الشمسِ
على حركاتِ المجذاف
ليسَ كما اختارَ ( الحسنُ بن وهبٍ)(2)
وِجهَتَهُ يتبادلُ نخباً
و يغازلُ في المركبِ بعضَ جواريه
أقولُ :دعينا نجري في دجلة
تحتَ ضفافِ ( الخاقاني الجوسق )(3)
تترفرفُ أفياءٌ حولينا من أجنحةِ النورسِ
نمضي خلفَ بساتينِ الحاوي
نَتَوَغَّلُ بينَ ممراتِ
تتشابكُ فيها الأغصانُ
تظللُ فيها زورقَنا ونكونُ
بعيدينَ عن اللَّغَطِ المحمومِ
إلّا منْ أصواتِ نقيقِ الضفدعِ
وعياطِ أوَزٍّ في عَرَضِ الماء
تبقى عينيْ ساهمةً
في عينيكِ
كأنّي أتخيّلُ فيها كلَّ مآذنِ
أحياءِ الشهباء
تُسَبِّحُ باسمِ الرحمن
نجري حتى ( گوير ) بقايا ( القصر الهاروني )
قربَ الجسرِ الواصلِ بين الشرقِ
وقصرِ المعشوق(5)
نلقي أعباءَ الرحلةِ ونذوبُ
محاذاةَ فسيلةِ
نخلٍ تتناسل
عباسية
1- إرنست هرتسفلد ( 1879 - 1948 م ) عالم آثار ألماني نفذ أولى أولى الحفريات الأثرية لسامراء القديمة بين 1911 وعام 1914م
2- الحسن بن وهب الحسن بن وهب بن سعيد، كاتب شاعر، فحل من الكتاب ت 247هـ
3- الجوسق الخاقاني هو قصر المعتصم ويقع في سامراء بني على الطراز الحيري،
4- القصر الهاروني هو قصر الخليفة الواثق ت 232هـ
5- قصر المعشوق يقع على الضفة الغربية لنهر دجلة سامراء بناه الخليفة المعتمد سنة 263هـ