القطُّ والعصفور ——————— وقطٌّ أتانا مستميلاً للطفِنا فكانتْ لهُ مِنّا حديقتُنا مأوى هممتُ كثيراً طردَهُ حيثُ لامَنِي على ذلكَ الأطفالُ فاحتالَ واسْتَقْوى شَفَقْتُ على أحفاديَ الغُرِّ طائعاً فَحُبُّهُمُ في خافٍقَيَّ له مَهْوى تَمَدَّدَ في إحدى السواقيِّ مُظْهِراً تَمَسْكُنَهُ فهو الطريحُ وَلا يقوى يُفَتِّحُ عينيهِ ويُغْمِضُ فيهما براءَتَهُ فاقتْ لناظرِهِ فَحْوى غَضَضْنا له طرفاً فطابَ مقامُهُ وما ذُكِرَتْ عنهُ إلى أحدٍ شكوى ولكنّني استغربتُ أمراً أحِبُّهُ ومنهُ أساريري لمنظرِهِ نَشْوَى مع الصبحِ في النارنجِ عرسٌ مباركٌ عصافيرُهُ تشدو بأعذبِ ما نهوى تَراقَصُ بين العشبِ والغصنِ حُرَّةً فتخلبُ لُبّي من تَفَنُّنِها شَجْوا لِتَنْثرَ قِدّاحاً على العشبِِ ضَوْعُهُ أذاعَ الشذى في كلِّ ناحيةٍ زَهْوا وكنتُ إذا النعناعُ ظهراً سقيتُهُ تهاوَتْ بحوضِ الماءِ من صفوهِ تُرْوى تُبَلِّلُ جُنْحَيها نثاراً مبرّداً به تُطفِئُ الحرَّ المُبَرِّحَ إن ألوى وبعدَ مرورِ الوقتِ والقطُّ نائمٌ بِمَخدَعِهِ مُسْتَأنِساً لا خطبَ لا بلوى تساءلتُ : ماذا يأكلُ الهِرُّ حينها إذا هو مطروحٌ من الجوعِ لا يُكوى وَلِمْ لَمْ تُغَنِّ لي العصافيرُ عَزْفَها وليسَ لها ذكرٌ وقد كانتِ السلوى تبادرَ لي أنَّ الحكايةَ خلفَها تَعَدّدِ أسبابٍ يُرادُ لها مَحوا إلى اليومِ لا أدري بسرِّ حديقتي إلى أنْ وجدتُ الهرَّ منتفضاً عُلْوا وفي فمهِ عصفورةٌ قد أصابَها وقد غاضَني منهُ خيانتُهُ القصوى فَفَرَّ إلى بيتٍ يُمَثِّلُ ضَعفهُ دهاءً به غيري إلى حيلةٍ أغوى تَمَنَّيْتُ أن لو عادَ كيفَ أذيقُهُ مرارةَ عدوانٍ على طائرٍ سَطْوا ولكِنَّهُ وَلّى وكان يقينُهُ بعودتِهِ يلقى القصاصَ بما سَوّى عرفتُ لماذا اختارَ غفلاً مكانَهُ بزاويةٍ للآسِ في سترِها جَدْوى ولا يعلمُ العصفورُ أنَّ وراءَها سيلقى به حتفاً يكونُ له مثوى على ذلكَ اختارتْ عصافيرُنا ذرى ال أعالي من الأغصانِ تعتادُهُ حلوا وكمْ لُمْتُني أنّي بذلكَ عارفٌ أنانيةَ الهِرِّ اللئيمِ وما تحوى وكُلّي آمالٌ تعودُ بشاشتي وتلهو عصافيرِي بساحتِها لَهْوا وتَهْنا على أغصانِها مستريحةً بفضلٍ إلهٍ في الدعا سامعُ النجوى د. محفوظ فرج