من ديوان
ديوان محمد بن الحاج أحمد الأفراني السوسي ( 1289 - 1346 هى/ 1872 – 1927)
للشاعر
بديعي
أحيي جناب المولي الاعلم, المفرد العلم, من أرضعته ثدي الادب, فكانت مودته مما يدخل كل قلب بلا إذن ولا حجاب, أزكي التحايا وأنماها, وأعلاها وأسماها, لازالت عوارف المعارف عليه منهله, وذيول مجده من بحار المكارم مبتله
هذا وقد ورد علي العبد كتابك الخطير, وروض خطابك المطير, فحل مني بالمحل المكين, وتأكدت به أسباب الود بالقوه والتمكين, وأراني كيف انقياد القوافي في زمام البيان, وسمعا وطوعا لذلك البنان, لاجرم انه اقتضاني خالص ود, وصحيح عهد, ولم يلتفت مني الي معذره, وان كانت مقبوله, ولم يكلني الي ما في الوسع من المقدره, وان كان لاينكر في حال التكليف قبوله , فإن كان الذي رسخ في النفوس, من الود المصون المحروس, لايخشي عليه من تسلط الطموس والدروس, فنحن في غني عن تكلفات الاعذار, في حالي الايراد والاصدار, وطالما صممت علي التغافل عن الجواب, وهو الاولي بالصواب, اذ ليس بلبيب من يقيس الشبر بالذراع, والجبان بالشجاع, وكيف لا وكل من تكلف فوق طاقته, افتضح لساعته, لكن عدم الامتثال محذور, والملجأ الي مالا يطاق معذور, فتكلفت ما يعرض عليك من الفقرات, استقاله للعثرات, علي أن التخلف ليس لشيء –علم الله- أثرته علي لقياكم, والتعطر برياكم, ولكن قضاء الدهر الذي لايرد عن مراده, ولا يصادر عن اصداره وايراده, ولله في خلقه أمر لاتدرك العقول حكمته, وهو الذي ينزل الغيث وينشر رحمته, وما جلبته في صدر كتابك من التنويه بحال ذكري, واستدعاء لسان حالك شيئا من نظمي ونثري, فاعلم انني ممن زجر عن هذه الصناعه طبعه, لنها كما قيل كالياسمين لايساوي جمعه ولسان التقصير, كما قيل قصير, لاسيما والبلاغه سوار ليست تعزك عليه يد , ورداء الفصاحه منك مستعار والعواري تسترد, وللبيان ماء لايجري في غير ناديك, وينبوعه لايتدفق إلا من أياديك.
ولو صورت نفسك لم تزدها علي ما فيك من كرم الطباع
كتب إليك أخوك خاطبا لعقائل ودادك, وجالبا لكؤوس المؤانسه علي فؤادك
|