دعوا شفه المشتاق من سقمها تشفي   و ترشف من أثار ترب الهدي رشفا
و تلثم تمثلا لنعل كريمه بها الدهر يستسقي الغمام ويستشفي
و لا تصرفوها عن هواها وسؤالها   بعدلكم فالعدل يمنعها الصرفا
و لا تعتبوها فالعتاب يزيدها   هياما ويسقيها مدام الهوي صرفا
جفتها بكتم الدمع بخلا جفونها فمن لامها في اللثم فهم لها أجفي
لئن حجبت بالبعد عنهم فهذه مكارمهم لم يبق ستراً ولا سجفا
و إنٔ كان ذاك الخيف موعد وصلهم فها نفحه الإفضال قربت الخيفا
و اغنت بفضل عن مشقه شقهٰ نكابد مسراها شتاء يلي صيفا
فحركت الأشواق منا لروضهٰ   أباح لنا الإسعاد من زهرها قطفا
تولي كمثل الطيف إذ زار في الكري   و إلاُ كمثل البرق إذ سارع الخطفا
تقضي وما قضي بلبني لبانهً   لقيس الهوي والحب منا وما استوفي
فزلنا وما زلنا نعلل باللقا نفوساً وما تجدي لعل ولا سوفا
كأنا وما كنا نجوب منازلاً   يود بها المشتاق لو راهق الحتفا
و لم تبصر الأبصار منها محاسناً و لم تسمع الأذان من ذكرها هتفا
كذاك الليالي لم تحل عن طباعها   متي واصلت يوماً تصل قطعها ألفا
فلا عسش لي أرجوه من بعد بعدهم و هيهات يرجي العيش من فارق الإلفا
و يا حبذا قتل إذ العيش لم تزل   سيوف الهوي تفري به القلب والجوفا
و من لي بقتل في سبيل الهوي التي   وعنا عليها بالجنان ومن أوفي
أيا من نأت عنه ديار أحبهٰ   فمن بعدهم مثلي علي الهلك قد أشفي
لئن فاتنا وصل بخيف مناهم   فها نفحه من عرفهم للحشا أشفي
و هاتيك أزهار الرياض تنفست   بأنفاسهم فاستشفين بها تشفي
و قل للألي هاموا اشتياقاً لبانهم   هلموا لعرق ألبان نستنشق العرفا
فصفخه هذا الطرس أبدت نعالهم   و صارت لها ظرفا فيا حسنه ظرفا
تعالوا تغالوا في مديح علائها   فرب غلوٰلم يعب ربه عرفا
و لله قوم في هواها تنافسوا   و قد غرفوا من بحر أمدادها غرفا
و إنا وإنٔ كنا علي الكل لم نطق   نحاول بعض البعض من بعض ما يلفي
لئن قبلوا ألفا نزد نحن بعدهم   علي الألف ما يستغرق العد والألفا
و إنُْ وصفوا واستغرقوا الوصف حسبنا   نجيل بروض الحسن من وصفهم طرفا
و نقبس من أنوارهم وسعنا   و نركض في مضمار أثارهم طرفا
فمن قال بدر ألتم أو طلعه الضحي   أو الروض يحكيها فما انصف الوصفا
فما الشمس إلاُ من محاسن ضوئها استنارت ولولاها للازمت الكسفا
و ما البدر إلاُ من مشارق نورها استمد ولولاها لمُا فارق الخسفا
و ما طاب نشر الروض إلاُ لأنه يمد مدي الأيام من نشرها عرفا
و ما أخضر ترب الأرض إلاُ لأنها تخطته فاختط النبات به حرفا
فحلوا بها أعلي المفارق واكحلوا   بها مقله العينين أو عطروا الأنفا
فأثارها تبري الجوي وترابها   لسقم الحشا انفع أو أنفي
لها الفخر أنُْ سارت بها رجل من سري   إلي حضره التقديس والقرب والزلفي
و ودي لا تخلع نعالك واقربن و ألفي بها من نفحه الحب ما ألفي
و أدناه قرباً قاب قوسين ربه و ناداه قل تسمع وسل تعط عد تكفي
نبي به نلنا المني وتوا كفت علينا من الرحمن سحب الرضا وكفا
تعلي علي العلياء حتي أنار من علاه العلا والغور والنجد والخيفا
و قاتل في إظهار أنوار دينه جميع العدي حتي زوي الضيم والحيفا
و كان إلي الهيجاء أوُل سابق و ما فارق الغضب المنهد والسيفا
هواه هدي الهادين منه إلي الهدي   و حبه أهدي الوارد المورد الأصفي
و أياته كالزهر والزهر نفحه   و عدا فمن ذا يستطيع لها وصفا
كفت كفه الجيش اللهام عن الحيا   و كفت جيوش الكفر عن غيها كفا
و ردت له الشمس المنير شعاعها   كذا البدر بعد التم صار له نصفا
وجوده أجدي من رياح عواصف   و من ذا يباري الريح إنُْ رامت العصفا
أمولاي يا مولاي يا خير سيد   تسامي علي الأشباه طرا مع الأكفا
نأت بي عنكم موبقات جنيتها   و عفوكم من كل كلف بها أكفي
و هأنا عند الباب راج وخائف   دموعي لا ترقا وشجوي لا يطفا
أناديك يا خير البريه كلها   نداء عبيد يرتجي العفو والعطفا
و إني محق في هوي حبك الذي   يفل جيوش الهم إنُْ أقبلت زحفا
و ما أنا فيه كالذي قال هازلاً   "أليلتنا إذ أرسلت واردا وحفا"
فأها لنفسي ثم أها إذا أنا   طردت ويا لهفا ارددها لهفا
و واحسرتا يا حسرتا ثم حسرتا   إذا لم تكن في موقف الحشر لي كهفا
و لعلكن لي ظنا جميلا بنسبتي   لأنصاركم يا خير من راقب الحلفا
كما أنُْ لي أيضاً متاتاً بمدحي   نعالا بها نيل العلي والمني يلفي
أبي النظم يستوفي حلاها وهل يفي   روي بأثارها الهدي ألف أوفا
عليك صلاه ما بدا بدر تمكم   و ما اشتاق مشتاق إليُْ وعدك الأوفي