ماذا أقول ومهجتي منهوكه¿   ومسامعي بملامهم مصكوكه
أما الفؤاد فعندكم مثواه مذ   عقد التسلي بالنوي مفكوكه
أدوا الي صدري الوديعه عندكم   فلديكم دون المرا متروكه
يا قومنا أجيبوا داعي مشوق حياته بكم مرتبطه, وأهواؤه منذ فراقكم مختبطه, فما المجنون في مناجاه ذكري ليلاه, وما جميل يتخيل بثينه فتنهمل عيناه, بأشواق مني منذ فارقتم المدرسه, ونبذتم أخاكم ومجلسه, فلا هديل الورق في أخواطها, ولا الخمائل تميس في أمراطها, ولا بسمات الراح, تحت نسيم الصباح, قادره أن تنعش مني ما كان ذاويا بفراقك يا أبا عبد الله, فلقد كنا ندماني جذيمه حقبه, وكان العلم لحوارنا قطبه نتعاون علي المطالعه, ونتقايض في المدافعه, فحين ودعتنا ودعني أنيس ليس منه عوض, ولا لي في مخاله غيره من غرض, وكثير من المسافرين كما تعلم مطرقوا الهمم, متمزقوا الذمم, فهمهم الاشتغال بما لايعني , وعمل ما يزعج فيضني, مع عدم التباعد عما يدنس, كلما فارقوا من بين يدي الفقيه المجلس, ولذلك نأيت عنهم في المطالعه, لأنهم ربما يقعون في المناطحه والمصارعه, فحاولت أن أطالع وحدي, وأن أبلغ في ذلك جهدي, ولكن درس الاصول يصعب علي تفهمه, حتي تنبه لذلك اتلوالد, فكأن واشيا يعلمه, فقال لي أن يد الله مع الجماعه, فاعتذرت له بما حضر في الساعه, فخرجت من عنده خجلا, ومن معاوده تقريعه وجلا, فجلست أكتب إليك في الحين مستعجلا, لأنبهك علي أمرين, أحدهما أفرادي بذهابك, وبابطائك في إيابك, وثانيهما أن تخلفك هكذا والقراءه قائمه علي ساق, والمطالعه بيننا إليك في اشتياق, لما يستوجب أن يطرق لك به الحصا, ويقرع لك العصا, فالفرص إنما تخطر فتغيب, وإذا ولت فاصمم بها أن تسمع فتجيب, وهكذا الرسول يأتي بالجواب, وكونك أنت بنفسك عين الجواب هو والله عين الصواب, وها أنا وفيت بما تعاهدنا عليه في البلاغه في الرسائل, وساري بالجواب عندك من وفائك أعظم الدلائل, وسلم مني علي والدك وادع لنا بخير, وأهل المدرسه بخير.