من ديوان
ديوان محمد بن العربي بن إبراهيم الأدوزي ( 1249 - 1323 هى) ( 1833 - 1905 م)
للشاعر
بديعي
قال محمد هو ابن العربي ملتمسا من فضل ربي أربي
الحمد لله الكبير المتعال وصلواته علي النبي والأل
وصحبه والاخذين بطريق سلوكهم ما دام للشمس شروق
وبعد هدي رحله الأدوزي كافله بمغنم محوز
نظمتها نظما بلا سؤال من أحد بل إنها من بالي
للعلم ان ما أتي بلا سؤال أقرب موقعا لدي أهل الكمال
أسهل في رجزها كما تري مما سواها من أراجيز الوري
فخذ إليك رحله سنيه لم تخل من فوائد مرضيه
إلي زياره امير الغرب وصالحي الحمراء أهل القرب
الملك المعظم الهمام من فرحت بملكه الأيام
مولي الملوك الصيد تاج المفرق رغما علي ملوك أهل المشرق
من نصرت لواءه يد المنن برعي أهل الله مولانا الحسن
ظل الإله في البلاد القاصيه وعد له علي النواحي الدانيه
محيي الذي كان من الملك اندرس ونور سلطان المزايا المغترس
وغيرهم ممن علي الطريق نطفيء ما بنا من الحريق
رزقنا الله جميع الخير بمنه وحفظه من خير
وذاك في المحرم الحرام ثالث تسعين من الاعوام
...
ثم نزلنا منزل ابن يدو وما بدا للشيخ منه ود
أكرم به من منزل لاينزل به السباع لامضيف ينزل
لكنه مشيد للغدر بوارد مزرب بالسدر
يفي المكارم عن الدخول وقايه العير علي الحلول
وكل دار أحدقت بالسدر لم تخل من مناكر وغدر
ان لم تكن منها لمن قد جاورا لابد أن يجي لمن قد جاورا
يحتاج من بها الي الكلاب حمايه لهم وغلق باب
خافوا سواهم وراقبوه في كل حاله وحاربوه
من خاف غير الله سلط سواه عليه لا يأمن يوما من أذاه
وهذه البلده أكثر البلاد في سوسنا الاقصي ضرار أو فساد
وكلهم محارب قتال مخادع لغيره مغتال
...
ان الصلاه عندهم قتل الرجال والحج والصوم اغتصاب واغتيال
...
المال والسلطه واهتمام تفعل مالا تفعل الايام
...
نظم الموائد وحسن المقرج غايه مايبقي الفتي ويرتجي
...
متي تدور الكاس بالبؤس انجلي كأنه من سحر بابل جلا
كم من صموت انطقته الطلبه وخائف سرته وهو أبله
...
فخذ مقالات الولي العامل أخذ جزاف ثم لاتجادل
ولا تقل رأيت أو سمعت بل فلتقل سلمت فاتبعت
...
وما علي أهل البوادي من ضرر ان فقدوا بعض محاسن الحضر
...
والثلج لاح للعيون من درن كأنه الزنجي شاب واسن
(يحسبه الجاهل مالم يعلما شيخا علي كرسيه معمما)
...
ثم توركنا علي فجه (تس) تورك الشهم علي سرج الفرس
وأن أن نرد ما استقرضنا من الطلوع بانخفاض أضني
...
وأشرف الناس علي الوادي الخسيس كذب من سماه بالوادي النفيس
منه منازل الموحدينا من غصبوا ملك المرابطينا
بدعوه الغزالي حين أحرقوا إحياءه وأذهم تمخرقوا
...
ونزل الركب علي الكنتافي وجعلوه خاتم المطاف
فأنزل الجميع في قصور زرت ب(سر من رأي) المذكور
وصادفوا من نزله الخير الكثير وليس من عاين أمرا كالخبير
أحيا طريقه الجواد حاتم وربعها المحيل أقوي هادم
اتخذ اللطف الحصين وردا ففاز اصداره به ووردا
عن بعض أهل الله ليس يسلم في هذه الاعصار من لا يلزم
اللطف جنه وأي جنه من شر الانس أبدا والجنه
ونزل الشيخ علي ارتحال بعد ثلاثه من الليالي
فوسع الاعذار للعشرينا ما ضيق المستعجلين فينا
ومن له في كل شيء تؤده ماضره لبث إذا تعوده
...
الخير فيما اختاره الرحمان للعبد لا ما اختاره الانسان
...
ثم تركنا (تكنتفت) ترك قلي لوخم الهوا ومكث طولا
ونزل الشيخ علي ابن همو والكنتفي ما ميط عنه الهم
وحوله أحيط بالأنصار إحاطه الهالات بالاقمار
...
وكم بتلك الطرق المضببه من مزلق مدعم بخشبه
فكيف سيرك عليها بالقدم فضلا عن أن تركب في ذاك العدم
...
وهيبه الرجال في القلوب تغني تغني عن المذكور والمكتوب
...
مدينه زهت بكتبيتها وجامع المنصور عن ضرتها
وهي من الهياكل المستغربه وبعلوم منشئيها معربه
ان كنت في قنتها تراها كل منار غيرها ساواها
وان تفارقها تراها أرفعا حتي تكون كالدخان ارتفعا
...
عنها نأت رطوبه البحر وما لثلج درن من صر
لذاك تبكي دونها الثلوج لبعدها فتضحك المروج
...
أحق مايبكي المحب للحبيب إذا تدانت الجسوم والقلوب
...
فعل الجهول غير فعل العالم هل يستوي هذان عند الفاهم
...
فرحب السلطان بالكنتافي واقعدوه مقعد الاشراف
...
فنال بعد أمنه من الوجل قياده زفت له علي عجل
...
بادر بالأمان والترحاب موسي الوزير وتد الاسباب
من ان يردك نلت أقصي القصد وإن سواه قد رمي بالصد
قطب رحي الأمور والتدبير صغيرها فضلا علي الكبير
يعسوب ذلك الجناب الأفخم (كمل سواه ان تشأ أو رخم)
وليس وصف عدله مصروفا وليس ذا بعجمه معروفا
...
حج وزار وتربي في حجور أهل الهدي فحاز غايه الاجور
أجازني من قبل هذا الوقت حفظه رب الوري من مقت
إجازه عمم فيها كل ما كان التعاطي فيه بين العلما
من قبله أجازني شيخنا ذا أبو علي ولحذوه حذا
ما كنت أهلا أن أجاز إلا أن ستر المولي العظيم الجهلا
من كان في جانب أهل الله لم يعدم الجذب الي التناهي
...
العفو لايصلح باللئيم بل بفتي يعرفه كريم
...
وليس يصلح امرء للصدر إلا إذا كان فسيح الصدر
...
الخير لاينكره اللبيب فعله عدو أو حبيب
...
البخل لايحسن بالموجود والجود لايكون بالمفقود
...
الحسن وصف ربه الحجال والقبح لايعاب في الرجال
لكن من جمع ذلك وذا من الرجال والنسا يا حبذا
...
ان قصرت يد امرء بالبر فليطلقن لسانه بالشكر
وانه خليلك عن الصغائر من قبل أن يقع في الكبائر
أبد التجلد لدي افتقار ان كنت معدودا من الاحرار
...
واكتم عن الحبيب بعض السر ولا تساوره بكل الأمر
...
ولا يغرنك الكلام الطيب من أمره ضميره محجب
...
فخرج السلطان يوم السبت بهمه مرموقه وسمت
فخرج الناس وأهل المجد يشيعونه لذاك القصد
...
وصحبه الملوك في الأسفار موسومه بشده الاضرار
لاسيما ونحن في القطر البعيد ولم نمارس كالملوكي التليد
...
فرجع الشيخ مع الأتباع ليتهيأ الي الازماع
أقام فيها لباوغ السبت فزار في الظعن ذاك السبتي
وابن سليمان وغير أو خرج فخلف القلوب ملء بالحرج
وخرج السادات للتشييع تأدبا مع الولي الرفيع
وسار كلهم الي (أمناس) وشيخه قري جميع الناس
فوجدت ميسون باديتها وراجعت ببهجه خيمتها
ريح الأزاهير تهب هبا واليعملات قد تخب خبا
وجاءت الصبا تشوق للبلد فذكرت لنا مراتع الولد
...
منها أران بعض الاذكياء ردا لنا لبعض الاغبياء
وذاك انني قبيل الوقت قد ذكرت للشيخ مزايا تعتقد
من انه يولي ويعزل الولي كما يشاء في جميع الدول
ومن يديه الفقر والغناء لمن له الراحه والغناء
وما يشاءه يشاءه النبي وما قلا قلاه طول الحقب
يحيي قلوبا مليئت بالجهل أحيا طبيب لمريض الاهل
وهو المفرق علي الخلائق أرزاقهم ومنشيء الحقائق
وغير هذا من ثنا عريض لنا ذكرناه من القريض
وغذ رأه الجشتمي تجشما ردا لما أوضحته تجشما
ورام يكسف غزاله الظهور ولم تزل مضيئه مدي الدهور
لحسد أو ابتعاد الدار أو لم يكن لفضله بالدراري
فإن يك الاول فالحسود مقاله رد ولا يسود
وان يك الثاني فهلا اقتربا لكي يعاين به ما استغربا
ويترك الدار الخراب الخاليه الي ديار بالمعالي حاليه
مأوي ذوي العرفان والمعارف وملتقي الاسرار والعوارف
دار النبي وبنيه والعلوم ومهبط الاسرار طرا والفهوم
لو شاهد الجمع وأهل الموسم وعجهم وحثهم للمنسم
والناس كلهم علي وتيره واحده في نعم كثيره
فمنهم باك لجرم ارتكب ونادم لحرمه الله ارتقب
وضاحك ناغاه سر السر وفك عان من عناء الاسر
والناس كلهم بقبه السرور باتوا كأمثال الملوك في القصور
في ليله السابع والثاني عشر ليله جمع ما بغيرها انتشر
والناس في مدح النبي العربي شفيعنا غدا بصوت مطرب
لو سمعت بعض جلاميد الحجر لانت وأحري من قسا قلبا يجر
لقال ان الفضل من بيت الحرم خيم في داره وما انخرم
والسر في مركزهم يمتاز وبأكفهم نبا الاقتار
وكم وكم من مقترا غناه ودهم حتي امتلا مغناه
وجاهل مايعرف ابن الحاجب ولا دري مسنونه من واجب
رتع في مراتع الدرايه فرفعت بين يديه الرايه
يرقي بيمنهم الكمال ولا مدارج تنالها بمال
وان يك الثالث فالجهل يفي بعذر من لايقتدي أو يقتفي
والشمس ان أنكر نورها الضرير فهو لجهل بالعمي عنها عذير
لكن هذا السيد المبجلا بلغ فوق مايظن (ابن جلا)
من ادعي الجهل به مفند ليس له فيما ادعي مستند
عرفه الهرم والرضيع كما دري الرفيع والوضيع
وكل من عني بالمجون لايهتدي إلا الي الجنون
فليس يرضي أن يكون تابعا لغيره وقد غدا متابعا
يخاف مع أن اعترافه يزيد له متي أفشي كما له المزيد
والله لو ألقي له ورحلا وترك الذي عليه لحلا
هذا وما أنكره عليه من بعض إفشاء الذي لديه
كأنه ظن الذي فعلت بأمره كان وما عملت
مع انه والله لم يدر ولم يأذن بما زبره فيه القلم
وهبه كان أمره بذلك واذنه في تلكم المسالك
أليس كل واحد فقيها بنفسه ذا الرشد أو سفيها
وليس إلا أنه بصير بنفسه وقدره خبير
سلم له تسليمك الأمر لالعمي عنك إذا كان نظيرك عمي
وكل من نزل عن ولي ولم يصل لقدره العلي
ينكر ما يقول بارتجاج كما أتي عن الولي الحلاج
ان لم يبينه له المساوي لفضله يحسبه من مساو
وقد تعرض له الغزالي بمثل ما في (الجيش) من مقال
من لم يكن كحجه الاسلام فالصمت حظه مع الاعلام
قد قال في قريضه ابن العربي تاج المشارق وعز المغرب
علامه الافقين والعلمين وشيخ من في الارض دون مين
غيرا تركناهم وراء الظهر من أين يعرف محل السير
وانه في الذهب الابريز وغيره من مجمع عزيز
وما أتي عن سيدي الجيلاني وغيره من عالم رباني
كالشيخ زروق الذين ذكروا مثل الذي ذكرته واخبروا
وما رووا عن أحمد المرسي روايه السري عن السري
من كونه النبي لايفارق معه ولا يحجب بالمغالق
أسوه من يذكر من ذا وليه مما حباه ربنا من وليه
وقصدهم في قولهم قصد النبي في قوله انا النبي العربي
ليقتدي بهم وبالأحوال من ضل في الافعال والاقوال
من كشف الغطاء لايرد عليه من في الفضل لايعد
أليس ما قال نبي الله عيسي لذي فهم وذي انتباه
أحيي وابرئي دليل للجواز لغيره من قائل ذاك المجاز
وكلنا يقول ذا فعلنا والله عامل وما عملنا
ونسبه الفعل من الولي لنفسه كنسبه العامي
لكن ذاك الولي قد وصل الي مقام فوق ذلك حصل
ان وصل المرء الي قطبانيه وقربته الحضره الربانيه
ودار في قبضته الوجود بأسره يمنع أو يجود
يدبر الكون علي ما أعطيا من الخلافه بأمر قضيا
ان قال ان قسمه الارزاق مني لايرد بالشقاق
والله هو الفاعل المختار والعبد عبد ماله اقتدار
والعجز من أوصافه والضعف وللأله فعله والوصف
رب تفضل لبعض الخلق كما يشاء بمزيد الرزق
وصي الذي أعطاه بعض الخير علي دوام حمده والشكر
من شكره التحديث بالانعام عليه بالاحسان والاكرام
ان قال ان ربه قد أعطي أعطاء زلفي ما قلي أو أكدي
أو انني غوث وقطب الدهر أو نحو هذا من مزيد الخير
فمن يرد ردا عليه يوما أنتج رده عليه لوما
يفتح أبواب اللعين الموصده ثم يعينه علي ما قصده
لم يخل عاقل من الجنون وهو لعمر الله ذو فنون
فمن يشاهد شيخنا ذا ودري وعاين الذي عليه قدرا
أوقفه الرأي علي أعلي القنن مستشرفا علي لطائف المنن
بحر حقيقه وبحر شرع عذب فرات سائغ في الجرع
ان كان منه لعلوم الظاهر تلفت تجده أي ماهر
تنفعل الامور باهتمامه ومشكل يبين من إلمامه
كأنه ملائك السحاب تشير للغمام بانجياب
متي يلاقي فهمه اشكالا ميز فيه الحل والاشكالا
أما الفراسه فلو رأي اياس منها القليل لرموه باياس
قبلته صوب الصواب أبدا ووجهه الي الذي قد عبدا
من قال ليس القطب فالاعراب ببابه بسمع الي الذي قد عبدا
تفسيره تفسير قطب قد بهر يبين منه في فواتح السور
وقول محيي الدين شرط القطب تفسيرها يري لها كالعضب
وقال شيخ وقته الشعراني من فاز بالرضوان والغفران
دلائل القطب يؤثر الغنا فيه تأثر الفقير بالغني
يكاد أن يذوب لما سمعه فابحث ولاتكن كمرء أمعه
والفضل لاينال بالكدود لكنه ينال بالجدود
من وقرت في صدره الاسرار شجي الذي في صدره الاشرار
فكن مع الله ولاتبال بمن له ضغائن الوبال
وجد في خدمته واستمطر من نفحات سره المستعصر
ان لم تكن من أهل سلمي سلم لمدع رؤيتها واستسلم
وكل سر من براقع الحجاب فوق الذين عظموا شهر رجب
وليس ينظر الي العروس إلا الذي أحيط بالطروس
أف لمن قد حجبته الاهويه عن إدراك لصياصي الالويه
شرق بالحسد وانتقاد وحيل بين العير والرققاد
فقل له إليك جاء الحق فنسف الباطل منه زهق
أصخ وخل الأدكار الاربع وأزمع السير لهذا وأربع
إن لم تكن فيالسابقين الاول فعد مع العرج بمرج ذا الولي
واستسلم الحجر والركن اليمن وطف به واسع وكن كمن ومن
واعلم بان ذا المقام يستجاب فيه الدعا فلا تمل من طلاب
دليل هذا ليس إلا ماتري وليس يكفي فيه ما تسطرا
اما علوم القوم والتصوف ورجعه النفوس عن تشوف
فهو عميدها ويعسوب ذويه علي اتفاق كل عالم فقيه
جمع ما ببغيه للسالك جمع خبير عارف المهالك
تسبر عما قاله الاقوال سبرا وعن أحواله الاحوال
فهو لغيره مكين الدين أرخي عليه ورق اليقطين
لايختشي من ظللت في الاوديه يوما رعونات النفوس المرديه
وهو علي الاجماع جامع الورع متبعا لكل من له شرع
ليس له حركه ولا سكون ولا له تجنب ولا ركون
إلا الي مرضاه ذي العرش المجيد ونحوها يميل دائما بجيد
فمن رأه في السواد الاعظم بين المماليك له والخدم
وفي ثياب كثياب الملك وفرش أبدعها ذو الحوك
يظن أنه حليف بطن يمسي ويصبح ضجيع قطن
مع أنه في صحه اليقين والزهد رأس ساده التمكين
فقل لمدعي الذي لم يدر (خلالك الجو فبيضي واصفري)
لله في الذوات سر طلسمه لم يدره إلا الذي قد قسمه
نعم وقول الجشتمي لما هذا (قولوا له ما هكذا ماهكذا)
قول جهول ورقيع وغبي إن لم يكن من كاشح ذي شغب
لأن من مضي من السادات السالكين سبل الخيرات
ليس سوي المفشي لما قد أودعه تحدثا بنعمه اللذا بدعه
يقول خير المرسلين أحمد أنا ولا فخر بذلك سيد
ففي (مرايا) العالم الزواوي مغن لما أباطل الدعاوي
إذ قال أن المصطفي يقول وليس بعد قولهم مقول
وكل من أمن بالمرايا وما بها من أجمل المزايا
أمن بالله ومن رد كفر وكل ذلك عن أذنه صدر
فضمنه المفيد والمقرب والمقصد المحمود والمنتخب
وهو وان أنكر منه المنكر اسوته ما مر لا يبتكر
والشاذلي شيخ المشايخ الكبار من لم يزل يجلو عن القلب الغبار
يثني عليه بالامور الفاخره ولو قلاه فاجر أو فاجره
فقصده إرشاد هذا الخلق وحملهم علي دوام الصدق
رووا عن الجيلاني الكثيرا وقد غدا كما تري كبيرا
كقولع لتابعيه من دخل تحت لوائي أمن من الوجل
أي انه ينجو غدا من نار وذلك بعد أخذ عهد الباري
ومثل ما ينقل للثعالبي في رحله ابن ناصر لطالب
من يزمن رأن للسبعه لا تمسه النار بشرط نقلا
وشيخ هذه الطريقه أبو محمد قبابي اذ ينسب
يقول ما برزت للارشاد وهدي غيره من العباد
إلا بعيد الأخذ من ربي العهود أن لايسوق لي سوي العبد السعيد
أليس هؤلاء أهل الرشد وقدوه الخلف في ذا القصد¿
اخفيت عنهم مسالك الولي وتنجلي لدي الفقيه الجبلي¿
هذا وحقك من أعجب العجاب أمعه يهدي الخبير للجواب
واستنت الفصال حتي القرعا مرعي سوي السعد أن يوما يرعي
دخل سوقه أبي فجعلت أمي تقول له ما قد جهلت
طريقه الغزال والمشددين طريقه تعطي مدارج اليقين
ومن يروا كتم فقير أمره فلا يري منه سواه سره
مرادهم من كان في ابتداء ولم يرد من كان في انتهاء
اذ كان لا يأمن من فساد وذاك لايخشي فساد البادي
من اقتدي بالعارف الدسوقي وشيخ بغداد وبالزروق
وغيرهم أخذ بالصواب ودخل البيوت من أبواب
وان يقل أولي به السكوت عن مثل ما يذكر والصموت
فلتبك عن إفهامه البواكي اذ قال للهادي الوري تراك
(أوردها سعد وسعد مشتمل ما هكذا ياسعد تورد الابل)
ومن يجالس النسا لايصلح لنفسه ولا نظن يفلح
من فارق الارشاد والتعليما منكبا تدريسه استسلاما
وقال لاخير من الطلاب ولا لهم قصد الي الثواب
وقصر النيات والخيرات علي ذوي التسابح الجفاه
ماذا عسي يفعل أو يقول لم يبق معقول ولا منقول
سلمنا الله من الانكار بمنه ومن أذي الافكار
فإنه والله سم ناقع ما إن له من مبرء وناجع
إن المعاصره أعظم حجاب والقرب لايترك قرب ذوي اقتراب
إن جاء ذو طمرين من برار إليهم عدوه من أبرار
وحين قال من بوسطهم سكن أنا ولي ليس منهم من ركن
قد مثلوا ذلك بالحمار ذاك الذي ينشأ في القفار
حمارنا الوحشي والاهلي سيان والقريب والقصي
استحسنوا تلون الوحشي ثم نسوا الحمل علي الاهلي
يحمل كلهم علي ذاك الولي لقربه منهم فيولي من ولي
والله ما استحيا بضرب المثل والقصد سوق مثل ممتثل
وغايه المقول في ذا السيد ان ليس مثله بكل بلد
في علمه وحلمه ونسبه ولطفه وجوده بنشبه
جعله الله لأهل الملك كلهم مثل شراع الفلك
سميت هذ القطعه (الخريده) وهذه العجاله الجديده
...
فصل وللأتاي شده اعتنا من متوسط وزائد الغني
وجب ان يفرد بالكلام لكن أبت نوازل الايام
لكنه لابد أن نذكر في رجزنا هذا قليلا اصطفي
فلا تمل الي مقال المنكر بفهمه الضعيف شرب السكر
وقولهم صفي بالعظام أو بالدم فيما شاهدوه أو رووا
بشاهدي عدل يكون الحكم حسبما أدي إليه الفهم
من أين يعرفان ما هنالك¿ ودونها قد سدت المسالك
معامل السكر لايرهاها سوي نصاراها ولا يغشاها
من ادعي أنه ذو عرفان ما ذاك إلا النقل عن نصراني
وقوله ليس له من اعتبار في الحل والحظر ولا له يصار
وليس إلا أنه طعام أهل الكتاب الحل والسلام
ان الاتاي حله لاينكر ولا قلاه من بعلم يذكر
يشربه كل من أهل الله وما بهم محرم أو ناه
قد ألف العلامه الزرهوني مؤلفا كالجوهر المكنون
في كونه حلا فمن ذا ينقض كلامه من بعده أو يعرض¿
من دوله الشريف اسمعيلا الملك المعظم الجليلا
بدئي شربه الي أن انتشر وعم من بغربنا من البشر
ووجد الناس ذوو الاكرام للواردين غايه الانعام
ان كان كان كل خير مشتهي أو لم يكن لم يك أنس انتهي
لذاك فالرجل ذو الاموال من عالم أو حاكم أو وال
او من له مروءه أو الشرف أو من بمال غيره قد اغترف
لابد أن يتخذ (الطبله) في منزله لوارد ذي شرف
تزيد من وداده ومن قواه ومن ترحب بضيف قد عراه
يشرق منها الوجه من مضيف إشراق شمس زمن المصيف
وتكلم الطبله من وراءها فلا يبالي ان يري سواها
وهي دليل الخير ان أتت علي الباقيات الصالحات بالولا
فواجب تنظيفها من الوسخ كذلك البراد ان كان اتسخ
الحك والتصقيل للأواني لابد منهما مدي الاوان
ومن يقيم الشرب بين الناس فلا تكن لشرطه بناس
شرط وجوبه نقاء الارديه حريه أصاله أريحيه
وشرطه الكامل أن يكونا من أمه للملف يلبسونا
وان يكون نقي الاطراف مستجمعا شمائل الظراف
في (حلبه الكميت) شيء كثرا ومنه يستمد من قد غبرا
وهو جليل النفع في أبوابه وكم مليك جد في اكتسابه
وان يكون متواضعا علي مذهب من قد حضروا من الملأ
وليس يخرج ولو أحيانا برأيه عن قصدهم ما كانا
من المحال رعي كل أحد من جالسيه بتمام المقصد
لكن من يوافق الغالب ما عليه من لوم إمام الحكما
والحر واجب كما مر وان لم يك فالترتيب للغير زكن
يقدم العبد علي الحرطاني والكهل قبل الشيخ والغلمان
وليس تجويز لحر أن يقيم بين الحراطين بشرع مستقيم
اذ المجانسه في الأمور شرط مسلم لدي الخبير
وللضرورات أمور بالخصوص والمرء لايحتاج معها للنصوص
ومن أقام لهم الحرطاني عليهم العود مدي الازمان
لأنه أكثر خلق الله سخافه وزائد المناهي
ولم أشم من جنسه من اصطفي هيهات منهم أن يري خل وفي
ان كان لابد له من اشتغال فليكنس الزبل لخيل وبغال
هذا الذي ورث عن أجداده لايرث الجد سوي أولاده
ولا ترج الخير من فرع دني يمنعه الطبع من الوصف السني
والخير في معادن الاخيار يطلب لامن معدن الاشرار
هذا إذا اسود وان اغبر لا يدن من (الطلبه) ما بين الملا
لأن هذا منصب شريف أولي به الابيض والظريف
وكل لون من سوي البياض ينبذ عند الشرب بافتراض
حتي الذي اسود من الاواني بأصله أو عارض الادران
من المقاريج أو البرارد أو المضارب أو المخادد
فواجب إلغاؤه والباقي من غير ما ذكرت للحذاق
ذا مذهبي ولسواي مذهب وللفتي اختيار ما ينتخب
يقول لاينكر عند الانس ما سوي السواد قط بين الندما
لابأس بالقاني أو الاخضر أو أصفر فاقع إذا الشرب انتدوا
ان الزمردي قال قد علا علي الجميع عند قوم فضلا
تعارضت في الاكدر الادله تعارض الشهود في الاهله
لكنما البياض خير جنسه عندي والمرء فقيه نفسه
لك الخيار فاجتهد أو اتبع في المذهبين ماتشا أو اخترع
لكن هاتيك الفروض الواجبات لاتهتكنها وانتخب في الباقيات
وكرهوا إقامه المزكوم ونحوه لضره المعلوم
ويكره السلس والقروح مع باد لغرهم ومن يكره دع
كذا الاشل وذوو العاهات وسيئوا الوجوه والصفات
أوصيك لاتشرب مع الضرير وصيه من عالم خبير
فلو رأي الله له خيرا لأب صر كما في ذكره منه كتب
وللإمام الشافعي كتاب ذكر فيه كل ما يعاب
لابأس أن تكون شافعيا هنا إذا ما كنت أريحيا
تتبع ماقد سنه وشرعه في كل ما خفضه أو رفعه
والنقص لا يتبعه الكمال ونادر ليس به المقال
واستوص بالاعرج خير أو دع فما الي اسكاته من مطمع
لذاك كان الاعرج الزمخشري عذب المقال سيء المختبر
يعد حتي حجه الاسلام من دونه في الفهم والافهام
لحمقه وجهله بالبلكفه يعد أهل الدين حمرا موكفه
لا بأس أن تغلق الابواب اذ ذاك أو تتخذ الحجاب
وليس ذا الاتمام الظرف عندهم ومن حقوق الضيف
ومجلس الاتاي ما ليس يليق به سوي المهذار ان هو صدوق
وما السكوت فيه بالمحمود هل نحن في الركوع والسجود¿
وندبت في المجلس المواجهه لدي تعاطي الكأس والمفاكهه
والعدد المذكور لابن مالك لمن يريد أحسن المسالك
(ومنتهاه أربع ان جردا وان يزد فيه فما ستاعدا)
ولا نري تقرقب التسبيح فعل أخي تجهم مشيح
فنحن في أنس وفي انشراح وفي ارتشاف أشر الاقداح
لا في مقام الذكر لكن الطغام ما ميزوا بين مقام ومقام
ان التسابيح الي الخضوع داعيه وأله الخشوع
والكأس مدعاه الي المباسطه والجمع ما بينهما مغالطه
من ليس يفرح بوقت الفرح والراح تفتر بوسط القدح
أما بخيل مبصر اضراره بكيسه أو أحد المكاره
وليس بالمذموم أن يقاما رغم أنفه من مجلس الندامي
وأن يؤد به من أقاما ففاعل التأديب لن يلاما
وكان بعض ساده ب (تزنيت) ممن علا في فضله والتثبيت
حلف لايعطي الاتاي سائلا حظا من السكر عنه مائلا
وقال لاتشرب متي العمر بقي مني وذاك فعل مرء متق
وبعضهم رفع عن أناس طبلته لعدم استيناس
ثم اختلاط الناس عند الشرب به جري عمل أهل الغرب
قدما خصوصا عند أهل الباديه لأنها في كل ضر باديه
(وما علي أهل البوادي من ضرر ان تركوا بعض محاسن الحضر
والأكل منصوص عليه باليمين وليس للشراب نص مستبين
كذا لبعضهم وفي الرساله نص صريح دافع ما قاله
لكنه لا فرق في القياس الي اليمين جري هذا الكاس
وحسن ثلاثه أو مثلها وترا وعادات لقومك اتلها
والله وتر شاهد لذلك فلا تكن مبذرا لمالك
وعندهم أن الثلاث واجبه لكنما القوله تلك, الصائبه
والكاس في قول هو المعنبر أو المنعنع وهذا أشهر
وهل الاول أو الاخير¿ فيه خلاف عنهم مشهور
وقال بالاول أهل الحاضره وقولهم لم يخل من مكابره
وقال بالثاني سواهم وهم من حيث صحه المزاج أعلم
وفاز أهل البدو بالحلو كما كان لغيرهم مراره وما
قد أفسدوا أجسادهم بالوخم فجنحو للمر خوف التخم
وكثره الالوان في الطعام علي الدوام سبب الاسقام
وليس للنعنع حقا من نظير من كل مشموم بكاسك عطير
ما عابه طبع سليم أبدا وان عليه أبدا قد لبدا
لأنه جمع حسن المنظر مثل الزبرجد وطيب المخبر
يحمده حتي الذي لم يدر ما بين حلو سائغ والمر
مستنبت حتي بدار الملك أوراقه كأناها في سلك
اني رأيت سكرا وعسلا تشاجرا يوما بصوت قد علا
كل يري حجته صوابا وقد زري بخصمه وعابا
فأسهب الخصمان من مقول ما أحوج القلم للتسجيل
فقيد المقال للتشعب وكثره الايراد والتعصب
فاحتشد الناس لسمع ما يقال بينهما من حجج قد تستطال
فحين ما انزعج ذاك النادي واستمع الناس الي المنادي
جاءا الي القاضي الذي لايعطي وان بسم عندهم بالمعطي
فابتدر العسل للكلام تبادر التجار للحرام
فقال من فضل بالقرأن فما له في فضله من ثان
قد شهد القرأن مني بشفا الناس استعلي بذاك شرفا
وكنت محبوبا الي النبي محبه اللذيذ والشهي
فجاش خصمه وشمر علي ساعد ذي عضب شحيذ صقلا
أجف لايلوي الي الوقار أجفال موتور لأخذ الثار
فقال كيف تعتلي بذكر لك من القرأن يوم الفخر¿
وأنت من ندريه ذا ألوان وصف المنافق الذليل الوانيق
هل أنت إلا فضله البطون قيء ذباب لاسع مبطون¿
ومن صريح وصفك الذميم وعيبك المشهر القديم
ان كنت ذا أم بلا أب ومن يميط عنك اليوم ذلك الدرن¿
أمن يكون في الوري لغيه يبرز للفخار في الانديه¿
فكر اذ ذلك نحوه العسل مثل الهزبر لفريسه نسل
يقول مالك أيالون المشيب فاخرت بالاسمال ذا الثوب القشيب
أأنت ياملحون سكر تجتري علي كمثلي شرفا وتفتري
ألم أكن حرا وأنت بارد وصف ثقيل عند كل ماجد
بذمه الكفار ترضي أبدا من رضي الكفر فكفره بدا
بذاك أفصح الفوافي في الفروق وان يكن لغيره ليس يروق
لذاك ألبسوك أسود اللباس فأنت من سود الحراطين الخساس
تربط دائما كعبد يابق حين يخون سيدا أو يسرق
وبالظواهر يكون الحكم يخزي بها صاحبها أو يسمو
وسيدي القاضي الاجل المرتضي يعرف ذا وإنه عدل رضا
وبالقضاء يلزم الرضاء منك وان ألمك الرمضاء
فترك السكر شقشاق العسل ترك كمي لم يوثقه الكسل
فمال نحوه وأدني أصبعه لوجهه وبتأن أسمعه
وليس ينفع أخا الخصام مثل تأنيه لدي الكلام
فقال يا مقلوب لسع وهو من أوصاف أمك اذا لاقت بدن
ان من أسمائك لحن الضرب فأنت كلك مثار الكرب
وفيك قيل السم من ذاك العسل نعوذ بالرحمن من كل كسل
وبك ثم الدست حتي هلكا ما لك في طريقه أف لك
وليس يشتارك في الخليه إلا الذي حاطت به بليه
تبا لمن كان الدخان يصحبه عند النفاس, ويح من يستعذبه
وهؤلاء القوم شاهدونا ولمقال الحق ناهدونا
إنك فيما ذكر الخبير من هو في اضرارك البصير
تولد الصفراء والصداعا لذي الحراره وذا قد ذاعا
وتفسد الدماغ من محرور عوض ما تسديه للمقرور
الي سوي هذا من أدواء الجسد أنت لها السبب ان مستك يد
قد جئتني مفاخرا بما ادعيت ولو صدقت في الذي قد افتريت
لكنت عند الضيف عني مغنيا وبك كل طارق مستغنيا
ها أنا ذا أعلن فضلي الوحيد رغما علي أنفك أيها العنيد
لأنني أحلي مذاقا منكا لذاك ترغب الضيوف عنكا
نعم إذا غبت فقد تنتخب من يفقد الماء كفته الترب
ألم تر الاقوام ان رأوني في طرب وفرح بلوني
فبينما هم سكوت وانقباض عن الحديث وانزواء وامتعاض
يحسبهم من جهل الاسبابا سكري رحيق أو غد واغضابا
حتي اذا ما لمحوني من بعيد كأنني الهلال في ليله عيد
مثت حميا البشر في الوجوه لافرق بين الفدم والنبيه
فانحلت العقد بين الالسن فأصبح العي نظير الالحن
وربما بشر بي المقراج اذا بهم الي السرور عاجوا
من ذا الذي ينكر أني السفير للبشر والفرح في يوم الحبور¿
فالتفت السكر لفته الي من حضروا نديه من الملا
كانه يشهدهم علي المقول والصدق معروف لدي ذوي العقول
فشهد الكل له بفضله ومجده وقدره ونبله
فتبعتهم أنعم قد حضرت فشهرت من فضله ما شهرت
كالكعك والبسيس والكباب وغيرهن من بنات الباب
بل إنها خرت علي الاذقان تظهر للسكر رفع الشان
لكنما الحلواء لم تسجد له فعابها الكعك فردت قوله
راعت إخاء العسل المصفي لأن ذوقها به قد يلفي
فجاذب الكعك وغيره الكلام معها الي أن انتهوا الي الخصام
ثم أتت ملاكمات فالصراع فثار شر مستطير في اجتماع
فشارك الناس الحضور في الزحام فلا تسل عما جري حين الصدام
ماجوا جميعهم بوسط المحفل (في لجه امسك فلانا عن فل)
فهشم الكعك مع الحلواء وكسر باعتداء
فالتهموه قبل بل قد شربوا واستأصلوا العسل حين غضبوا
فأتت الايدي علي الجميع فالتحق التابع بالمتبوع
فبعد حين رجع القاضي الي مجلسه وقد تراجع الملا
فلم ير الحاكم من عليه يحكم بالتفضيل أو إليه
فلم يجد إلا الرجال الحضرا فعزر الكل بما القاضي يري
(ومن جفا القاضي فالتأديب أولي وذا الشاهد مطلوب)
قد أتلف الظالم والمظلوم وذهب الخاصم والمخصوم
ثم رجعنا والرجوع أحمد عن منزع طاب به المستطرد
ان الحديث ان به الاحماض ينعش قلبا حله الاعراض
...
ثم أتينا مسقط الرؤوس بلدنا الحظي في النفوس
فجمع الشمل الشتيت الله فاتصل القلب بما يهواه
ثمت ألقينا عصا التسيار والحمد لله علي استقرار
ثم الصلاه والسلام بالدوام علي النبي وأله الغر الكرام
وصحبه وتابعي الجميع ما جعل الختم من البديع
|