من ديوان
ديوان أحمد بن عبد الله بن محمد الحاج الدلائي (ت 1091 هى)
للشاعر
بديعي
الحمد لله الذي أطلع شمس المعارف في أفلاك العقول نيره الأشراق, وسقي أغصان الأدب بعد ذبولها بصوب الفكر فأضحت يانعه الأوراق, وصلي الله علي سيدنا محمد الحائز قصبات السبق في مضامير الفخار بالاستحقاف, وعلي أله وأصحابه الباذلين في محبته أعلاق الأرواح وناهيك بها من أعلاق.
وبعد فإني تأملت هذه الحديقه الغنا, والخريده الحسنا, فرأيت فيها ما تغار منه الجهابذه الأيقاظ, ورمقت عرائس الملحون والموزون تجلي علي منصه الألفاظ, حديقه ألمعي العصر, ونافث سحر البيان في عقد الفكر, من بني قصور القوافي وشيد, حامل رايه البلاغه سيدي أحمد, لازالت بلاغتكم منتظمه العقود, مرقومه البرود, ما دمتم تسيغون سلسالها, وتشعشعون جريالها, كأنها هزت من رقه الصبابه, هز الرياض إلا أنها طرسا ولا سمعا للقلم جرسا, أو قسا للازم بيته جلسا, قد صاغت شهب البيان أحسن صياغه, وطرزت بوشي الفصاحه أعطاف رداء البلاغه
إنا بعثناك تبغي القول من كتب فجئت بالنجم مصفودا من الأفق
لو حكي النسيم رقه تلك الألفاظ لما هز قدود الأغصان, أو الخمر لما تصدع لها نشوان, قد أبرزت بنيه فكرك من حجابها, وإن كانت الفتنه تخشي عند سفور نقابها, فتقطع دونها أماني الأطماع, وتتحلي بحليها وحلوائها الأفواه والأسماع, فتاهت القلوب سرورا بها كأنها شربت عقارا صرفا , ورشفت معسول رضاب الأحبه رشفا, ولما هزتني أريحيه الانتشا, إلي المعارضه في الانشا, انتهضت جواد إجادتي فتقاعس عن هذا الميدان, وقال ما لي بهذا المضمار يدان, كيف تروم مدح من لو صيرت البسيطه لمدحه كاغد, أو نظمت له النجوم قصائد, ما أديت ما له من الحقوق, وكل حسن تراه فمن بعض محاسنه مسروق, ولولا رجائي منك الإغضا, والتذكر بقول من مضي: وعين الرضي, لما كلفت من هذه القريحه الجامده, بأن تحليكم بهذه الألفاظ الشارده, ولما رأي القريض سبق النثر إلي جنابك أبلغ لجيده متطلعا, وتعلق بذيله مستشفعا, فقال:
انظمك هذا أم عقود جمان أم الدر يبدو في نحور غواني¿
أم الروضه الغناء قد حاك وشيها صناع سحاب أم طراز بيان¿
وتلك غوال في خدود مهارق أري أم كؤوسا من عقار دنان¿
تحدي بها من لو أردت مديحه برقم بناني أو ثناء لساني
لما طقت حصر ما له من فضائل وكيف ونظمي لايطيع جناني
وقد شهدت أقلام كل معاصر بأنك فرد لا يقاس بثاني
ولو كنت أدري كيف يوتي مديحكم لأرسلت في طلق البيان عناني
ومن ذا يضاهي من قريش قبيله برفعه قدر أو علو مكان¿
سمت برسول الله حتي كأنها بدور فخار من فخامه سان
وما ذا عسي أثني عليك بمقولي وأنت علي بكر المفاخر باني
وهذي عروس الفكر زفت ومهرها قبول وإغضاء ونيل أمان
وإلا فقدري واضح متعين لأن علاك ابلجت لي معاني
ودم هكذا يا فارس النظم طاعنا برمح يراع او برمح طعان
|