من ديوان
ديوان أبو القاسم بن سعيد العميري الجابريُ التادلي الفاسيُ (1103 1178 هى/ 1691 1764 م)
للشاعر
بديعي
ولما وصلته حركت منه كل ساكن, وتزعزعت منه للمراجعه قوائم تلك المساكن, فكتب لي ما نصه:
أنظمك في جيد الطروس أم الدر¿ أم النيران الزاهرات أم السحر¿
وفكرك أملي ما نراه مسطرا أم الجدول الزخار فاض أم البحر¿
كذاك يصاغ القول للشعر حليه وإلا فلا نظم يقال ولا نثر
تنكب عن عون المعاني بلاغه فلم يات معني إلا وهو له فكر
كأنه بدع للبديع فلفظه يتيه به شطر ويزهو به شطر
إذا نقشت أبياته في صحيفه حسبنا لحسن سبكها أنها تبر
تقول ولكن للبيب إشاره إذا حليت ثم استقل بها سطر
تجانس وصف قائلي ومداده فذاك له حبر, وهذا له حبر
تود قصيرات المجال لو انه بأعناقها مكان أعلاقها در
ولو علقته في النحور قلائدا لما احتاج للعقيان من نحرها سحر
يضوع شذاه للأنوف كأنه رياض من الأزهار نم بها نشر
وهبك كتمت أو سكت نزاهه أيخفي ذكي المسك والعنبر الشحر
أبا القاسم بن العالم العلم الذي جري في أقاليم البلاد له ذكر
سعيد العميري الذي لم يجاره إلي غايه العلياء زيد ولا عمرو
فما قصبات السبق إلا لفهمه إذا استن للأحبار في معضل فكر
ولا ترفع الرايات إلا لعلمه ولا ينتهي في الرأي إلا له الأمر
فأنت له فيما اقتني خير وارث كأن لم يغب عنا ولم يحوه قبر
وإن غاب عنا العلم من صدر والد فقد حازه من بعده ولد صدر
ولا عجب إن قيل أنت تفوقه فإن ضياء الشمس يسبقه الفجر
تسل عن الهم المبرح بالحشي فرب عسير كان في طيه يسر
وإن جاء عباس من الخطب هائل ففي إثره الضحاك يعقبه بشر
وإن لفكم جور من الدهر برهه فلا بد بعد اللف أن يحصل النشر
كذا وعد الرحمان والوعد صادق كأن قد أتاك الفتح وانبعث النصر
وللنكبات والنوائب غايه يبلغها مني التجلد والصبر
وهل هو في العقيي لمن بات حاليا بحليته إلا المثوبات والأجر
حللتم محل الأنس من كل جانب وبنتم فبان الصبر واشتعل الجمر
وليس بغدر ما فعلتم وإنما جري قدر بالبين فاتضح العذر
ولولا عقيده الإيمان ونورها سخطنا وقلنا بئس ما فعل الدهر
غدا يجمع الأحباب جمع سلامه وعما يعط عهدا إلا في طيه غدر
نعوذ برب الناس من شر حاسد ومن شر وصل في عواقبه هجر
وإن تفترق أجسادنا فقلوبنا مؤلفه ما دام يجمعها صدر
ضمان علي الأيام تجمع شملنا علي صحه حتي يقوم له جبر
فأجبته
تقاصر في الإحسان عن نظمك الدر ومن دون ترصيع به الأنجم الزهر
تعرف عراف القريض بعرفه شذي طاب إلا أن عنبره شحر
وسلي علي البلباب نافث سحره بطرسك إلا أن بابله شعر
نزعت إلي حسن بنظم تظاهرا به ساحران للنهي الطرس والسطر
قواف تجلت للخليل ووزنه وحسن من حسانها النظم والنثر
وجر بها ذيل الكمال جريرها فغاظ سجول الموصلي ذالك البحر
تباهي زهيرا في مزينه والبها بمصر وليلياته ما بدا فجر
فلو نافست بدع البديع ولامست حرير الحريري ما جري لهما ذكر
ولو نالها والي الكتيبه ما بدا بها للوا الإنشاء طي ولا نشر
ولو وصلت يوما لمنطق واصل تكلف نطق الراء من فمه الثغر
متي زهرت بالنيران منازل وشبهتها فالشمس نظمك والنثر
يري الفتح لو أن القلائد قلدت فوائدها ما راق من دونها نحر
وما زهر رياض يحاكي مثيلها ولو زانه لون ونم به نشر
ولا عجب أن حاك وشي بديعها قريحه صدر لايقاس به صدر
زهت ب (الحميدي أحمد بن محمد) محامده لا بعد أحمدها شكر
تسلم (أبا سلام) السلم من أذي زمان توالي حاله الكسر والجبر
وفي طي ما أبلي به الدهر صحبتي سيادتك العليا وقد يحسن الدهر
فلا اختشي من فعله عملا فقد تعلق عنه حيث كان لك الصدر
وفيت علي بعد ومثلك من وفي يوافيك ما يرجوه سرك والجهر
وشفعت إحسانا بحسن رساله بعثت بها ياحبذا الشفع والوتر
وأسيت من هم به المرء يلتظي ولله فينا علم غيب له سر
ولا شك أن الحال ما قال ربنا مع العسر يسر لا محاله والأجر
ولي أمل في الله أرجو نفوذه قريبا, فأما الصبر لم يبق لي صبر
علي أن لي بالله جل جلاله كريم جوار لايخاف به ضر
ولست بما جادت به اليوم فكرتي أجاريك فيما صاغ ناصعه الفكر
وما قنعت نفسي بنظم نفائس تنافس فيها ساده قاده غر
وإن قصرت بي عن جوابك همه فمنك –وقيت الهم- يلتمس العذر
فكيف ولي قلب تقسم فانثني لمكناسه شطر وعندكم شطر
وإني لأرجو الله فيما رجوته إلينا , ألا لربنا الخلق والأمر
|