من ديوان
ديوان عبدالسلام بن محمد المحب العلوي ( 1302 - 1331 هى) ( 1884 - 1912 م)
للشاعر
بديعي
حكي الحارث بن همام قال لم أزل أتقلب في البلاد. تقلب الطارف والتلاد وأتلون في أطمار الغرباء. تلون الحرباء. يوما بالعرب العرباء. وليله في العجم العجماء. وطورا اندلسيا. وتاره طرابلسيا. وحينا جنيا وساعه إنسيا. الي أن طوحت بي للمغرب الأقصي سفره. كادت أن تحطني الحفره. فصغت الاهوال من معادن البر والبحر. وغصت ظلماتها غوص اليراعه في الحبر. فدخلت فاس حمئه شمس النبوءه. وخيمه المكارم المكلوءه. أجمه إدريس بن إدريس, الجمه ليوث الاقراء والتدريس والحمه اللادغه بمعيارها التدليس. مجمع البحرين العلم والمال. وهامه النحرين العمل والمال. والصر قد حل بها والخصر. وبكت السماء ولا بكاء الخنساء علي صخر. والبرد قد أرغم الانوف: وأغرم الانوف واستعدت له من المطارف الصنوف. والشتاء قد اطلع علي العالم طالعا منحوسا. وصير العالمين مجوسا. فأويت الي ركن الراحه وتبطنت عباءه الاستراحه. بعد زيارتي الحرم, ولا جرم. انه معاذ من اجترم واستلمت تابوت السكينه المحترم. فلما تعاقب الاصباح والامساء. وقيل يا أرض ابلعي ماءك وياسماء ربحت الترهات والبنيات. وجلت في الاعمال بعد النيات. فاوجف الليل علي ببعض المساجد وكاب البيات. والسحاب قد استأنف مدراره: والقمر قد لقي سراره. فلم يعد مداره. في ليله ليلاء لايصدر عنها جنب. ولا يبصر الكلب فيها الطنب. فلما أديت تحيه المجد. وتوسطت أسطوانات المسجد. اذا بزرافات مجتمعه. وأذان مصيخه مستمعه. قد احدقوا بشيخ مختصر. إحداق الخاتم بالخنصر يهذب الاذهان. من غير إدهان. وينشط العقول من المقال ويبسط بخفته من العويصات الثقال. فسمعته أيها أيها المتجشمون مشاق التعليم. المحتشمون في أخذ أظافير الجهل بالتقليم.إنما أتيتم لتحفظوا لا لتحفظوا. وأوتيتم لتعوا اذ تسمعوا. لا لتسمعوا فاكتبوا. ولا تنكبوا وحثوا . لتحدثوا. وتعلموا لتعلموا. واصبروا لتصبروا. فإنكم حضرتم لتحضروا. لالتحظروا. فلا تضجروا. وإياكم والكسل فإن من تواني توي. ومن تهاونهوي. ومن مل. زل. وإن. وان داعيه الملل للأعمال مفسده. ولاداعيه الملل للأفئده. فتيقظوا. ولا تغيضوا. فتتغيظوا فان العلم عروس لايرضيها الا افناء ميعه الشباب مهدا ولا يواصلها إلا من رد سائل نفسه نهرا. ويتيم شهوته في سلك خيط التحجير قهرا واعلموا أن المعلم كالطبيب. بما عدا المواساه والمواتات نفسه لاتطيب فانفقوا لتنفقوا. وتنافسوا ولاتتنافقوا. وتحاموا الحسد. كما يتحامي الجرب الجسد. وكونوا كلئاليء السمط. ولا تكونوا كأسنان المشط وتعاونوا علي البر والتقوي. فإنهما العروه الوثقي. والركن الأقوي. قال الراوي فلما فضت نفثاته السحريه. وضفت نفاثاته الشحريه. حلت الجماعه له الحبا. فازدحمت معها لتقبيل كفيه والتبرك بما يتفله من بين فكيه. فلم تكن منفضه. إلا بعد بذلها إليه الفضه. ولامنها من ذهب. إلا بعد إعطائه الذهب. فقال يابني ليس بالقبل. تقبل. ولا بالبوس. ينجلي عنك البوس. فامعنت فيه النظر فإذا هو أبوزيد السروجي. ذو اللجاج الحجاجي والاحتجاج السريجي. فلما عرفني تبسم. فتعاميت عما توسم. الي أن فرغ بعد غرب الكارعين من الراكعين الورد. وقد تفتح الياسمين في وجنات الشيخ والورد. فلم أتمالك نفسي حتي عانقته معانقه الغصن الصبا. وعاقتني العبره عن تتميم أبا فقال دع في بيتها التصليه والبكاء وهلم عد لمبيت التصديه والمكاء فقلت قاتلك الله او تخبرني. قال اخبرك وأجبرك فإني أري جناحك مهيضا فقف نهوضا. فصاحبته الي خمه. وكن سكونه وضمه. وطفقت أفنده علي استلذاذ قند التعليم. وأقول له او ما ذلك لوجه الخلاق العليم فقال عد عن القند. من صير في جوهري. ثم أنشد بصوت جهوري
لاتعجلن بلومه الل يث الهصور علي الرشا
فالدهر الجاني الي أخذي علي العلم الرشا
وأخو التعلم ماتح لابد أن يلقي الرشا
ثم أخذنا نقص أعاجيب الفراق والتلاقي. حتي بلغت روح الليل التراقي فودعته وودعني. وأودعني من مر نواه ما أودعني انتهت يوم الجمعه 13 من رمضان المبارك عام 1323
|