مناسبة هطول أمطار الخير على بلدنا
أهديكم هذه الصورة المقروءة:
تخيل معي وانت لسه فتى يافع .. قاعد مع جدتك .عند الفرن وهي تحميه استعداد للخبيز .. وكان الوقت
أول اشتاء .. وجدتك بترويلك بطولات جدك الله يرحمه ..لما شافت غيمة في الناحية الجنوبية الغربية
من السماء تبشر بنزول المطر…
**************
كانت جدتي قاعده جنب الجدار ، كان الجو آخر الخريف ،
ويا دوبها لقطت من ل شجار ، قطين لمونة الدار
ما عاد اللي في الشجر تين ، نشف وصار قطين ،
ورصت كل حبه وحبه برقه وحنين ، ومحبه وكل اعتبار
وصارن في الخابيه ، والخابيه اتطينت ، تييجي وقتها ، ونقعد قدام لِوجاق ،
لمّا البرد ايحل ، والسما تجود بالأمطار
وبعز كوانين بصير النتش جوّه لِوجاق ولمّايحمى الفرن نرجع
ولمّا يبرد نقرّب ، مثل لعبة البس والفار
و لمّا القرامي تهجم بنحط البطاطا للشوي وانحمص العيش ..يعني قعدة حِلِم ،
قعدة سعاده ، وبهجه ومسره زيها ما صار
بترتسم في خيالنا وصعب تنمحي لا من زمن قريب ولا من بعيد ،
أيام الفرح عَ البال بتعن ، كل ما جمعنا الحلم مشوار
سرحت جدتي بنظرها لبعيد.. بعيد ، كانت تلاحق بعنيها غيمه ،
وعين جدتي بترصد لِغيوم والجو… وبتحوم في المدار
وبتعرف الغيمه الماطره من الغيمه العاقره ، تجربه من العمرتعلمتها ،
من السنين الخوالي ، وأيام العز الها إيثار
قالت : كأنها شاعر بولد قصيدة شِعِر.. عاشها مخاض طويل ،
قبل ما صارت تترنم عَ شفافه كلام وقوافيها كبار:
كان جدك لمّا تطل هذيك الغيمه اللي جايه من بعيييييد بعيد ، تلمع الفرحه في عيونه
وتتراقص .. أحلام المطر مدرار،
وتلاقي وجهه اكتسى ببراءة الحلم مثل طفل زغير ، وقاللي :
قومي نحضّر حالنا يا بنت الحلال ، ها لغيمه تنبيه النا وإخطار
نحضّر للموسم ، إعلفي الدواب وزودي العلف .. قدامنا حراث ،
شوفي الأرض قديش …، مشتاقه للحراث والثنايه ولِبذار
قديش عطشانه لقطر المطر ،يروي عطشهامن الحر والهجير ،
والموسم الصيفي اللي ما بقل بأهميته عن الشتوي وبدها عَمَار
انعمرها بسكة العود ، لمّا تنغز جوّه الأرض وتنود ، وتقلب ها لتراب وتنشره للمطر ……،
على ما تشوف وتمتد الأبصار
إن ارتوت الأرض( ياجدة) طِلع العشب ..، وفي العشب غِذا ودوا
، يشرب الشجر وتمتلي بالميه لِبيار
والأرض (يا جدة) ها للي شايفها قدّامك يفور العشب منها ،
وتلبس من بعد العرا ..وبعد ماكانت جردا حِلِة خضار وأزهار
والقمح لمّا ينغمر بمية المطر جوّه الأرض يفور من ترابها ،
وبتمشي لنُصَّك في السبل ،..سنابل مليانه بالقمح كبار
الخير يا (جدة) لمّا ايعِم ويطم حولك وحواليك ، بتصير نفسك تزغرد من البهجه والمسَرّه ،وتحس حالك طير طيار
جدك كان يعرف ها لأرض ، واتحسّه يوشوشها ويتغزل فيها ، وياما قال فيها من قلبه العامر ..بالحياه غناني وعتابا وأشعار
وياما تغنى بسهلها ووعرها ، وياما تغنّى بمِحلها وخِصَِبها ، لكل موسم عِنّا يا (جدة)..غنانيه لِمقدّره ،اللي بترسمها الأقدار
للخصب أغاني فرح ، وللمحل أغاني حزن ، (جدك) كان ينحض من قلبه
غنانيه المليانه من جوّاه، حزن وفرح ، حلو ومرار
وكان يعتمد على الله في قوله وفعله ، ويطرد الألم بالفرح ،
وبالحلم يداوي الجرح ،ويفرز الزيت الطيّب من القار
عمره ما خلاّ اليأس يدخل قلبه وكان يسد قلبه ويفتح طاقات للأمل ،
وحياته موسم أمل ، يعبق بفوح الأزهار
ولما كان الحزن يهجم عليه بأكبر من طاقته ، كان يشد قامته ويعلي هامته ،
كان بطل مدّوَن بسجل الأحرار
جدك..ياجدة كان مدرسه ، لو كل يوم تعلمت من سيرته سطر ،
رح تلاقي صفحتك مليانه …..، أمجاد ترويها الأخبار
عمره ما خاف ، كان سبع ليل ، لو لاقاه غول يصرعه بأيديه ،
وكان في صدره قلب … ما بهاب مثل الصخر جبّار
ومليان حب وموده ، بوسع العالم محبه ، وشجاعته كانت مفخره لكل النسوان ..
،كل ما هاهت عنه مَرَه… بافتخار
جدك كان بطل ، افخر بجدك وحطه تاج عَ راسك من فوق ،
وها لجيل بمثله …، جاد ببطل مغوار
شوف يا جدة كيف المطر شح ، والأرض عبست ، وضحكتها اللي كانت قد الدنيا …..،راحت غاد وبيرها غار
ما عندي اعتراض ، إنه لكل زمان دوله ورجال ، ورجال زرعت ورجال قلعت ،
ورجال أسياد بالعظمه اكبار
و رجال كِخّه ، هذي دنيا فيها وما فيها ، بس يا ترى انت من أي فيها ؟؟
ان شا لله وفي تبقى ومش غدّار
وسرح خيال جدتي بالغيمه اللي كانت تتهادى في عرض السما .. يا ترى؟؟!!
غيمة مطر ها لغيمه ومحمله أمطار؟؟؟
فيها أمل ؟؟ ولاَّ غيمه عاقره فيها خيبه ؟؟
بس لمّا شفت لمعة فرح في عيون جدتي ودمع عَ الخد سال مدرار
عرفت انها الغيمه غيمة فرح….
وجدتي تعانقت مع جدي بحلم ، وتمازج حلمها مع حلمه في السما سيّار !
___________________
تقرأ بلهجة أهل (خزاعة)