ارى من بعدِ الشروقِ الصُبحُ يبتدئ كما الخوف والالمُ طفلٌ يرسِمُ على الارضِ اغنيةً وهو يبتسمُ يلّونُ السماءَ وعلى ملا ئِكَتِها يُسلِّم تـُكـَلـِّمَهُ نسائمُ الارضِ وهو نَسيمها المكلّمُ ويسيرُ لمعبرِ الجيشِ يقتربُ ويُقدمُ فيقولُ ضابطٌ لجندهِ تنبهوا تنبهوا فهناك من يبتسمُ تنبهوا تسلحوا واليه تقدموا فتشوا اوراقه بعثروا كتبه فيقول الطفلُ لديّ كتابٌ وممحاةٌ وقلمُ فيُضربُ الطفلُ ولا يتألمُ وهم من بعدِ القيامِ إن قتلوا تألموا فيقول : ايَّ خوفٍ كان بكم ولديّ قلمُ انا الطفل وجهي هو الرايات والعلمُ ما كنت لاغفر للدهر اخطاءَه وإن اخطأَ فبكُم كان الذلُ والندمُ *** والام تنتظرُ وصولَـهُ ولا يحضرْ تَصْرُخُ قد غابَ بُنَيَّ وتأخرْ تسأل عنه بعدَ كلِّ خطوةٍ وبعد كلَّ حجرْ بنيَّ اين انتَ من ظلالِ الشجرْ فهي لا تعلم لمَ طِفلها تأخر فهو بابتسامة جرحَ اثنينِ فأُغلقَ المعبرْ *** وأما الوطنْ فبهِ حزنُ الامِ والطفلِ وغيرِهم واما الوطنْ …به كلُّ المحنْ به فرحٌ قليلْ به ابتسامة صغيرة، ولكنها ابتسامة به فرقة ، به تعصب به الشاعر لا يكتب به الكلام صمتٌ به القتلُ لحنٌ غريبْ به الحبُ… بلا حبيب فلا وطن إلا الوطن لا وطنَ إلا الوطنْ لا تحتَ هذه السماءِ او غيرِها لا على ارضٍ اخرى مِثلها لا وإن ماتَ طفلها لا وإن ماتَ غصنُ الزيتونِ فيها لا وإن سقطتْ البندقيةُ من يدها فالارض امٌ لا تموت وإن هجّرتْ جميع البيوت *** وأما عن ذاك الحزين فيقولها انا من فلسطين انا ابنُ البلادِ كلِّها انا ابنُ عكا وابنُ سورِها انا ابنُ حيفا تسيرُ روحي على شواطئها ومن الجليلِ نسيمٌ يأخذني لماضيها وانا ابنُ الناصرةْ، انا منَ الناصرةْ أحييها في القلبِ وفي الذاكرةْ وانا ابنُ سخنين… منها ذكريات السنين وعيناي لبيسان وانا ابن بيسان وانا من جنينَ وما ينساها الزمانْ وانا ابن الخليل وغزة وعسقلان اطلُّ من الشمال على الجولان انا ابنُ طبريا ككحلٍ اسودٍ بديعْ يوصلُني بدمعهِ لتلِّ الربيعْ انا ابنُ رام الله واريحا وبيت لحم انا ابن الجنوبِ والشمالْ انا شاعر ضاق به الخيال فلن اصف يوما ما بهما من جمال وانا ابنُ القدسِ ابنُ ايلياءْ ازفها عروسٌ في الارضِ والسماء واختم بها قصيدتي لانها وان غربت الشمس عنها تظل اجملَ الاشياء
