وسأحتفي بأريج صبوتك الْيَرِنُّ على بلاطِ
الوحشةِ اخْتَمَرَتْ بقبلتكِ الرَّهِيَّةِ، أحتفي
بالزعفران يغارُ من ظلِّ العُطورِ على يديّ،
أتذكرين ! تركتِها عندي على أمل اللقاءِ.
سأحتفي برحيقكِ الأبهى وأنشرُ ريحَ
وجديَ في حروفٍ تحفظ الأيامَ والأسماءَ
من عَفَنِ التداعي.
لن أصيح بملء واديَّ الذي عشّبْتِهِ بقطيع
دفئكِ، لن أقول لوردة القدّاح ما فعلتْ
طفولتُكِ الرَّخيَّةُ،
لن أخبِّرَ زهرةَ الفستقْ
حتّى يمرَّ الصيفُ لابسُ صندلِ الأيام
حين خلعته لشقيقه الماضي، وحتّى أحْشُدَ
الأجراسَ والقِلْشَانَ من برِّيَّةِ "امريبيطَ"
والعسّالَ مخفورًا إلى سهل البقاعِ
لكي يمرقْ
حنيني في حنانك
فاتحًا مرجَ الزهور على قناةِ الحُلْمِ وهي
تخضِّبُ الأعشابَ
والزَّغَبَ البهيَّ على التلاعِ.
سأدوِّنُ الأبهى بفصل الصيف حين يهرُّ
مشمشُكِ الشهيُّ ولا جُناةَ مواسمٍ، لا شعبَ
يعرف نكهةَ الثمرِ الأصيلِ.. وعاش في
أفيائه قرنًا من الشهواتِ،..حين يُضَمِّنُ
الفلاّحُ رُمَّانَ الشقاءِ لغيرهِ سأدوّن الأنقى
على خدّ الخريف ، أقول كلّ ما التقطَ القطيعُ
من الربيعِ، دواتيَ القمرُ المقيمُ بكأسيَ
المفزورِ، والأوراقُ ما مرّتْ خيالاتٌ أمامَ
غَبَاشِ سكرانٍ،
وذاكرتي
ارتفاعُكِ
في
اتساعي
فقد يَشْرُقْ
خريفٌ في الربيعِ، وقد يكون السُّكَّرُ
المسحوقُ في دَعَةٍ يراعي..!!
فهل يَصْدُقْ
حنانُكِ حين مرّ على الضلوع كما يمرُّ
مسافرٌ بالخان؟ هل سيقيمُ في هذا الشتاء
ببيتنا لِتَمُرَّ أسرابُ السَّحَابِ، ليفقأَ
الكَمَأُ الجليدَ، لتنتشي أرضٌ بدَعْسَاتِ
انصبابِكِ فوقها، تَنْشَقُّ تحت خَرِيرِ طَلَّتِكِ
الينابيعُ الملائكُ
ثمّ تبتهجُ المراعي
..........
لا، لم أَكُنْ أُرْجوزةً أنشَدْتِها فوق القتيلِ،
ولم أكنْ لحمًا بلا شفتين... فاعترفي بوهجِ
الفُسْتُقِ اللمَّاحِ في شِيْحِ الرُّعاةِ ...
جَلَبْتُ في زوَّادتي كَلأَ المَزَارِ لِتَأْدَمِي،
وبناتُ نَعْشٍ حارساتُ قصائدي
وبِقِرْبَتي ماءُ الفُراتِ
و"قلعةُ النَّجْمِ" الحِمارُ،
جمعتُ أصوات الذئاب المُلْحِ مزمارًا
وأطلقتُ الأغانيَ
في الوِهَادِ يَحفُّها قمرٌ يَحُومُ على التلال
كذئب ثلجٍ مُنْتَشٍ،
والجَدْيُ مِرْيَاعي.
........
لا، الربيعُ قصيدةٌ مكتوبةٌ بالجمرِ والعشقِِ الصهيلِ
وشوقيِ الوثّابُ ساعي.
.............
انتظري إذنْ
انتظري الأفاعي.
25/1/2002 من ديوان بعنوان ( ضد الموت )