ثرثراتٌ لك

(( إني أموت اشتياقاً لوجه الحبيب البعيد ))
علي الجندي

(( اليوم كان الأرض كلّها ))
بابلو نيرودا

((سألعن الحبَّ ، إذا لم أقتل الكراهية ))
بول ايلوار


إليكِ شعري و أنا ..

كلُّ زمنِ لا يجمعني بمن أحبُّ...هو زمنٌ ميتٌ ..
و كلُّ زمنِ لا يُزِيدُ حُبِّي لكِ
              هو زمنٌ ميتٌ ..
فبأيِّ زمنٍ نعيشُ نَحْنُ الآنْ ؟؟؟؟

الوداع
لابد لي أن أقول لك:وداعاً
القهوة التي على شفتي
المتة التي في دمائي
ووجهي المحدق فيك
لابد أن أقولَ لكِ:وداعاً ...
لرائحة الطيب التي على شجرك
لوجهك العائم في دمِّ القلب
للحوا كير...التي تسكعتها في يديك
... لابد لي أن أقول لكِ:وداعاً

جسد الرماد
لا زهور على القبور
لا أعشاب في هذا الدَّم
كلُّ ضاحية تترك جلدها ...
تنفر من أحاديث كالوقت مبتذلة
و أنا بلا شمس....أمشي صوب الضحى
وجهك يرافقني صوب التوابيت الوردية
قلبي يمرُّ أمامك...كالعربات القديمة...ضجيج ذكرى
و ضياع خلف الحلم كالغيوم المطاردة
للقبلة هذا الصباح طعم السُّم
للموعد رائحة الزنازين و الزنخ الآدمي
تتمدد شفتاك على صدري خائفة
يمشي نهر ريقك في أوردتي
يخلع جسمي... جسمي...و يسير صوب الحبِّ و الموت
لا حبّ يفترشُ الضلوعَ
لا مقبرة إلا هذا القفص الصدري
و جثثنا تمشي خلف الموتى كالظلِّ
ثمة طفل يترك ثديه ليرضع الحجارة
و امرأة تقعد...لتريق دمها ...كالآمال المحنطة بالموت والبكاء
لا زهور على القلب...
لا عشب في هذه المقصلة
كلٌّ منا يمشي صوب حصاره كالصحراء
نمتدُّ خلف الماء..و في جسدينا يسير الرماد كالنهر

قصيدة
ليست القصيدة...قبلة أو سكين
ليست القصيدة...زهرة أو دماء
ليست القصيدة...رائحة عطر أو نهر عنبر
ليست القصيدة...سمكة .... أو بحر
القصيدة...قلب...
كالوردة على جثة الكون
فافتحي قبرك للشعر ....و الأشياء الأخرى

لقاء
ما عدت رأيتك من ثوان
ما عدت رأيتك من ساعات
ما عدت رأيتك من أيام
ما عدت رأيتك من أشهر
ما عدت رأيتك من سنوات
ما عدت رأيتك منذ قرون ..
فهل ما زلت قربي ؟؟
من الخلق...إلى الموت ...إلى الآن ؟؟
أين هي الآن ؟؟
الأصابع التي دبت في فروة رأسها كالقملِ
الشفاه التي مسحت جلدها كالعرق
الجسد الذي حملها...وراح يخاطر
أين هي الآن ؟؟
حين تمر العجلات ..بين نهديك كماء الاستحمام
وجلدك يتشقق كالجلود العتيقة عند الاحتراق
و فمك سلعة يومية لحاملي النياشين
أين هي الآن ؟؟
مروحة في السقف ،
وأصابع تجميل حمراء
أين هي الآن ؟؟
هل مرت السكاكين على جبينها؟؟
أم تشرّد كالريح؟؟
أين هي الآن ؟؟..
امرأة لا تحلم إلا بحبٍّ و ورودٍ
أين هي الآن ؟؟..
كانت تنام على صدري و عمري...
و تقول:هل تشرب القهوة بالسُّكَرِ أو بالدمع ؟؟
و تنقل شفتيها إلى فمي
ليضيع مذاق القهوة خلف القبلة
أمس ...فتحت قلبها و ماتت ؟؟
أين هي الآن ؟؟
و أين كانت ..
حين وطأت زهرتَها....أقدامُ العسكر و القتلة ؟
النسل المنقرض
نحن أخر النسل المنقرض
ننام في نسائنا باكراً..
نستيقظ قبل الديكة
نحبُّ الورد وشرب الشاي و رائحة التراب
نحن أخر النسل المنقرض..
رأينا كيف تعلك الآلات البيادر
و كيف يغمر الأسمنت وجهنا
و كيف انقرضت الخيول و الفرسان
نحن أخر النسل المنقرض:نحبُّ بوفاءٍ ..
نعملُ بوفاءٍ ..
نموتُ بوفاءٍ
نحن أخر النسل المنقرض:ننام في نسائنا باكراً
لا نشاهد الغيوم ..و نعرف أن المطر سيجيء
نتماسك كجدارٍ اثري ..وهذا الزمان بلدوزر
نحن أخر النسل المنقرض
تنامين على صدري عشباً و رائحة ماء
خذي يا حبيبتي كفِّي و اشربي
إننا نحبو صوب الاندثار
السماء تمطر غباراً و قهر
الأرض تتفجر يباساً و موت
ضعي فمك على فمي
نحن أخر النسل المنقرض
نغتسل بماء النبع ...و لا نبع إلا ريقك العذب
ضعي كفك على كفي
لنخرج قلبينا من رائحة الزنازين و الإسفلت و السرطان
ونركب آخر رائحة للورد
و ننام ...ننام ...ننام ...حتى تنتهي الأيام ...
قلبي أنت
للقبلة تخرج من الجسد فجأة كالفزع
لوجه امرأة أعرفها كأمي
أرفع قبعتي كل صباح..
و أخرج إلى موتي
للبنادق التي تطلق الموت لا الورد
للخطب الملساء كالحرباء
للحوانيت المفتوحة لبيع الحليب و الشهوة
أعصرُ ما في قلبي من ضياءٍ
و أمضي بين رائحة الطلقة و الوردة
بين الشهوة و الخنجر ..
بين الموت و الحبِّ
أسمي قلبي أنت ...
........و أموت
امرأة
ما زلت أفكر بها:
ذات الشعر الخرنوبي الجدول
مازلت أفكر بها:
مملكة التردد و الانصياع
هل تحبُّ وجهي ؟؟...
هل تأكلُ جسمي كفراشات العمر؟؟
سألتني : لماذا أنا ؟؟
قلت:امرأة هي الحياة ..
والموت كلُّ النساء
كلُّ الورود...تختصرها امرأةٌ من نبيذ و عطر
كلُّ الأشجار...تختصرها امرأةٌ من قُبَلٍ و ثمار
كلُّ النساء...تختصرها امرأةٌ من ماءٍ و عشق
و أنت هي المرأة...
التي تمشي في الحلم رؤية..و قصيدة جديدة و فتية
و ما زلت أفكر بها:
ذات الوجه المضيء كالبرق
ذات الكف المفتوح كالغيم
ذات الابتسامة الواضحة كالموت
هي امرأة...ولا كلّ النساء
هي أنتِ ..
فكيف أنسى ؟؟..
و كيف أتذكر؟؟..
و القبلة لَمْ تأتِ إلى الشفاه
ها هي تغادر...
حين انطفاء الشهوة و الانتحار
دعيني أنام بلا أنت
دعيني أرحل بلا أنت
و أنت فيَّ...كالوجه أخلعه كل صباح
و أرتدي قناعاً...و أمشي إلى الوقت
يفاجئني وجهكِ...أنه القناع.!!
هذا دمي نشف فيه الاحتمال
هذا جسدي فضحه الخوف و الفرار
اخرجي مني ...أو...أدخليني إلى أبعد ما أشاء
يا مملكة...التردد و الطيبة و الانهماك بالآخرين
و لا ينام
كانت فيَّ،
هل تنشرُ شَعْرَها على وجهي حين تنام ؟؟
أم تنثرُ عطرَها في رئتي حين تفيق ؟؟
هي امرأة:تشرب القهوة ..
و تعجن جسدي بنظراتها
جمراً لقافلة الرماد
هي امرأة: تعرف كيف تنام.....
تعرف: كيف تصحو
تعرف:كيف تقف أمام مرآة وجهها كل صباح
و لا تعرف:
كم يركض قلبي إليها و لا ينام ؟؟؟
قهوة الصباح
أعدي القهوة
و تعالي نشرب القبلات
الآن...
نهيئ جسدينا للتعب و الحبّ
نمدد أحلامنا... كالأسرة
....و ننام
فينا زهر لا يثمر إلا البراعم
و عطر لا يتماسك كالهواء
و أنا منذ أحقاب....
أمد يدي للقائك
و أنت منذ لحظة...
تعدين القهوة ..لتشربي معي القبلات
*********************