بَعُدتْ بينَ تواصلِنا الشقة يا قيثارةُ ما عادَتْ ضفةُ دجلةَ من أطراف الدور إلى سامراء ميداناً حُرّاً نتقاسمُ فية الألفةَ والحبَّ ولا الأحزانَ ما عادَ أبو تمام يَرُدُّ على الكنديِّ بِمَثَلِ المشكاة ما عادَ ابنُ المعتز بمركبِهِ يمخرُ عَرَضَ النهرِ ويبلغُ قصرَ المعشوق أسْلَمْنا كلَّ مجاذيفِ السَمَرِ على ساحلِ مجرى الثرثار جلسنا نَتَفَرَّجُ السمكُ الشِّلِكُ والخشني يسخرُ من شَبَكِ الصيادين لم يُبْقِ الطميُ معالمَ نسعدُ فيها أخَذَتْ دجلةُ تنكصُ في أعقابِ رحيلِكَ يا محمودُ انكفأتْ وَتَغَشّاها البرديُّ وصارتْ إحدى أهوار جنوبِ الوطنِ الغالي بَعُدَتْ بين تواصلِنا الشقةُ يا قيثارةُ الفجرُ تَبَدَّلَ ما عادَ سوى أصواتِ كلابٍ تملأُ أركانَ الطرقاتِ والصبحُ المزهوُّ بأقدامِ بناتِ الصف الأوَّل وشرائطهنَّ البيضاء تمسُّ شغافَ القلبِ تَوَلّى لكنَّ الأملَ أنْ يرجعَ فينا عهدٌ نبلغُ فيه مرامينا ونراهُ الأجدى مُحتَمَلٌ فَغِواتُكِ كغوايةِ عصيانِ المرتزقةِ المنتشرينَ على أرجاءِ الجبلِ الأخضر في شحات نعمْ كنّا محتفلينَ هناكَ على طولِ سنواتِ العمر نغازلُ نُوّار اللوزِ وألوانِ التفاح المتدلي في الأبرق وطني حبيبي كم ظَلْلَّنا من غيثِ قورينا المتواترِ شجرُ السدرِ وكانَ تماهينا مثلَ تماهينا في منحدرِ قصرِ الحير أمّا كيفَ نذوبُ فأنفاسُ العنبرِ من تنهيدةِ صدرك تُغَيِّبُني بينَ ذراعيكِ البضَّينِ وأنتِ تذوبينَ بفيضِ حناني لن يستسلمَ قمحُ الوسطيةِ في سنبله ويكونَ غذاءً للمغتصبين سيظلُّ دبابيسَ الحاسةِ والمسماريينَ وبراعصةَ البيضاء الأصَلاءِ بأعينِ من خانَ الأرض د. محفوظ فرج 1 / 9 / 2020 م 13 / محرم / 1441هـ